25 عقلا
ان البيان السياسي المتعلق بالحرب الدائرة في افغانستان، الذي قام عدد من المشرعين المتسرعين باصداره، ينم عن جهل واضح وفاضح بمجريات الاحداث الدولية وعدم دراية بدروس التاريخ ويعيدنا للمرحلة التي كنا نوصف فيها بالقوة الثالثة في العالمِ كما انه يبين كم السذاجة الهائل الذي يغلف أفكار الكثيرين منا بحيث اصبحنا نعتقد ان تجربة تشكيل اكبر تحالف دولي عسكري شهده العالم بعد الحرب العالمية الثانية، والذي تم بموجبه تحرير الكويت، سوف تتكرر مرة اخرى متى ما قرر جار السوء تكرار جريمته.
لاشك في ان النسيان نعمة، لكن هذا على المستوى الفردي البحت، ولكن الأمم، والضعيفة منها، لا تمتلك التمتع برفاهية النسيانِ ان بامكانها ان تتناسى وتتسامح وتتسامى، ولكن لا يجب ابدا ان تنسى، ويجب ان يذكر الكويتيون دائما انهم معرضون لخطر دائم من هذا الطرف أو تلك الجهة، ومن الممكن جدا ان تتكرر عملية غزو الكويت مرة اخرى!
وعليه، من المهم ان نعرف او بالاحرى من المهم ان لا ننسى ان الكويت بمساحتها الصغيرة وقلة عدد سكانها وموقعها المميز، مقارنة بالبعض من جيرانها، وثرواتها الخارجية والباطنية، تعتبر غنيمة سهلة وشهية لكل طامع، وان الكويت أو اية دولة بمثل ظروفها، لا يمكن ان تستمر في العيش بسلام في هذا العالم الشرير والقذر الذي نعيش فيه بدون عون خارجي، وان استمرارها مرهون، شئنا ام ابينا، بوجود قوة عاقلة حرة تقوم بحمايتها مما يحيط بها من اطماع، وان من السخف وقلة العقل معاداة القوة العالمية الوحيدة المؤهلة والقادرة والراغبة في حمايتنا، ودون مقابل!، واكرر 'دون مقابل' مقارنة بما سيكون عليه الوضع في غياب مثل هذه الحمايةِِ ولا حاجة هنا للتذكير بما تعرض له الوطن والمواطن والمقيم من تقتيل وتعذيب وتشويه وتجويع وتشريد واغتصاب واهانة وضياع في اقسى فترة مرت بها الكويت في تاريخها.
ان مصيرنا وامن وطننا مرتبطان بالولايات المتحدة الاميركية بالرغم من كل ما لدى البعض منا من تحفظات أو اعتراضات شديدة عليهِ فالمشاعر الوطنية أو القومية أو الدينية شيء والحقيقة، مهما كانت مؤلمة، شيء آخرِ فلو تعرض امن الكويت وسلامة سكانها للخطر مرة اخرى فان القوة الوحيدة القادرة على صد ذلك العدوان ودحره هي اميركا، واية قوة اسلامية أوعربية أو اي شيء آخر لا تعدو ان تكون لغوا وكلاما فارغا لا يسمن ولا يغني من جوع.
وعليه، يجب ان نعرف حدودنا ونتصرف على هذا الاساس، ويجب كذلك ان نعلم جيدا بان احدا لم يطالبنا يوما بالركوع وتقبيل ارجل الغرب!! ولم نطالب بالخضوع والخنوع لكل مطالب تلك الدول، ولكن كل ما هو مطلوب منا، ذوقا وحياء ومصلحة، ان لا نعادي الدولة الوحيدة التي يمكن اعتبارها السند والعضد الذي يمكن الاعتماد عليه في الشدائد.
لو كانت لدينا حكومة غير حكومتنا الحالية هذه، هل كان سيتجرأ هؤلاء النواب على اصدار مثل ذلك البيان الجاحد؟
أشك في ذلك!!