كأس سيد قطب الذي تجرعه بن لادن
لا نؤمن حتما بالطريقة البوليسية التي يتبعها البعض من الاحزاب الدينية في سعيهم لاقتناص الفرص والمآخذ على اصحاب التيارات المعادية لهم وذلك بأرشفة ما يقومون بكتابته من اجل محاسبتهم عليه مستقبلا، ولكننا نملك ذاكرة لا تزال تسعفنا بين الفترة والاخرى، ونستعين بها في محاربة قوى الظلام والتخلف.
***
من هي تلك الشخصية العظيمة التي رفعها أسامة بن لادن لمرتبة النبي ابراهيم عندما وصفه في مقابلته الاخيرة مع 'الجزيرة' بأنه رجل بأمة! وانه رجل عجزت نساء المسلمين عن ان يلدن مثله؟ ومن هو الذي كان يعتبر حامل لواء الاخوان المسلمين وخليفة سيد قطب وشيخ المجاهدين وأحد كبار علمائهم، والذي تتلمذ على يديه ونهل من معارفه بن لادن وابو غيث والظواهري وآلاف غيرهم من المجاهدين العرب والمسلمين؟ ومن الذي تناسى مرحليا مأساة وطنه المحتل فلسطين وتفرغ لقضية الجهاد في أفغانستان واشرف على مكاتب تمويل القضية من دول الخليج، والكويت بشكل خاص؟
ومن هو الذي نعتته مجلة 'المجتمع'، لسان حال الاخوان المسلمين في الكويت، في العدد 945 عام 1989 بالقول إنه شخصية فريدة من نوعها، تربى على فكر سيد قطب فكان يصدح بالحق في وجه الحكام والطواغيت واستشهد وهو يؤدي فريضة الجهاد؟ ومن هي تلك الشخصية الفذة التي تركت لنا تراثا فكريا ثريا لا يزال ينهل منه قادة الاحزاب الدينية عندنا وعند حكام و'ضيوف' طالبان، وكان دائما مثار إعجاب الكثير من قادة الاخوان في الكويت؟.
إن المجال يطول في وصف مناقب وفضائل هذا الرجل الذي وصفه احد عناصر الجماعات الدينية بأنه حامل راية الجهاد والنابغة في مجال الدعوة و'التحريض'؟.
إن هذا الرجل الذي يعتبر واحدا من كبار علماء المسلمين هو شيخ المجاهدين والعالم الاكاديمي المعروف والمربي والشهيد عبدالله عزام، نابلسي المولد، افغاني الهوى والاستاذ الجامعي الذي نذر نفسه لحركة الجهاد في أفغانستان من عام 1981 الى ان 'استشهد' في بيشاور بعدها بثماني سنوات 25/11/89.
***
وبالرجوع الى آخر مقابلة اجرتها مجلة 'القبس' (22 نوفمبر 1989) مع هذا المجاهد والملهم والداعية الذي يساوي في قدره امة بكاملها، الذي عجزت مئات ملايين المسلمات عن ان يلدن مثله، كما ذكر بن لادن في مقابلته مع قناة 'الجزيرة' نقرأ التصريحات الموثقة التالية، التي تبين حقيقة هذا الانسان وطريقة تفكيره وقدرته الفذة على اختلاق الروايات الكاذبة والادعاءات الفارغة من اجل جمع ما يمكن جمعه من اموال الجمعيات الخيرية المسيسة ومن السذج من الناس، وتجعلنا نتساءل حقا عن مستوى فهم وذكاء تلامذته ومريديه الذين ارعبوا الآمنين وقتلوا الابرياء وخربوا اقتصادات كافة دول العالم، كما تبين تصريحاته الموثقة والمودعة في ارشيف 'القبس' نوعية مريديه واتباعه ممن دانوا له بالولاء، فأصبح لديهم رجلا بأمة وعجزت نصف مليار امرأة مسلمة عن ان تلدن مثله والذي اسبغت عليه مجلة 'المجتمع' اوصافا وصفات لم يحز عليها احد من قبلِ وتبين محتويات تلك المقابلة بوضوح مثير للخجل نوعية العقليات التي اصبحت اليوم تتحكم في مصير الكثير من الدول وتدخل الرعب في العديد من النفوس وتقف من كل ذلك موقفا واضح السذاجة مفرط الغباء ومرعبا ومخيفا في الوقت نفسه.
يتحدث السيد عزام في مقابلته الموثقة تلك المودعة في ارشيف مجلة 'القبس' عن كيفية التحاقه بحركة المجاهدين في افغانستان وكيف انه يأمل ان يحرر فلسطين بعد ذلك وكيف ان مكتبه قدم اكثر من مائتي شهيد من العرب لحركة الجهاد الافغانية.
كما تطرق في تلك المقابلة لاساليب تثقيف وتدريب المجاهدين والمعجزات والكرامات التي حدثت للشهداء العرب (بالذات) منهم حيث يورد اسماء: يحيى سنيور وسبع النيل وابو بدر الحربي وغيرهم كثيرين والذين كانت رائحة المسك تعبق لفترة اسبوعين من قطع القماش الملطخة بدمائهم وان ذلك المسك كان يعبق شذاه الآفاق (!) اما عبدالوهاب الغامدي وسعد الرشود وهشام الدليمي وزكريا ابو عنود فان النور كان يخرج من قبورهمِ وكان التكبير يخرج من قبر عبدالله الغامدي لفترة تقارب سنة والنصف السنة دون توقفِ اما خالد الكردي الذي قطعت رجله وانبعج بطنه واندلقت امعاؤه فإنه لم يحس بأي الم وظل يحارب حتى استشهد (!!).
والآن هل يود اي من كتبة الاحزاب الدينية المسيسة ممن اطنبوا مؤخرا في الاشادة بمناقب عبدالله عزام وسرد رائع انجازاته التعليق على محتويات تلك المقابلة الشهيرة؟؟.