في أي عصر نعيش؟

صدرت قبل فترة فتوى دينية تحمل تاريخ 29/3/1421 تتعلق بجواز وجود محلات لبيع الزهور في المستشفيات، ومدى حرمة قيام بعض الزوار بشراء باقات منها لتقديمها 'للمزورين من المرضى'! حيث صدرت الفتوى بأن هذا لم يكن من عادة المسلمين على مر القرون، وانها من عادات الكفار، وان الحقيقة ان لا نفع منها للمرضى، وتعتبر انفاقا للمال في غير موضعه، ولمن لا يستحقه، وبالتالي لا يجوز التعامل بها بيعا أو شراء أو حتى اهداءِِ(!!!).
*¹*¹*
قبل التعليق على مثل هذه الفتاوى، اود اقتراح ان تقوم الوزارة المعنية بطباعة هذه الفتوى ووضعها ضمن اطار خشبي وتوزيعها على مئات محلات الزهور لتعليقها في المكان المناسب.
يقول نص الفتوى، انه ليس من عادة المسلمين على مر القرون اهداء الزهور للمرضى في المستشفيات! وهذا كلام سليم.
ولكن هل كان من عادة المسلمين الاستشفاء في مصحات مكيفة ذات ادوات تعقيم وتطهير واجهزة معقدة تقدر قيمتها بملايين الدنانير، وهيئة هائلة من الممرضات والاطباء والطبيبات وامور كثيرة اخرى؟، وهل كان من عادة المسلمين مثلا وعلى مر القرون الذهاب بمرضاهم الى بلاد الكفر لاخذ العلاج المناسب الذي لم نستطع توفيره لهم بالرغم من تعدادنا الذي بلغ المليار؟؟ وهل من عاداتنا على مر العصور والعهود والقرون والاذناب الدخول في الانتخابات والتنافس فيها وتمويل حملاتها باموال التبرعات الخيرية؟ بالرغم من ان هناك مئات آلاف الاشياء التي لم يعتد عليها او يمارسها المسلمون على مر القرون، الا ان هذا لم يمنعهم من استخدامها والاستفادة منها حالهم حال بقية البشر.
يقول نص الفتوى كذلك بأن هذه الزهور التي تهدى للمرضى لا فائدة ترجى منها!!.
واود شخصيا ان اتعرف ولو على فرد واحد في هذا العالم الكبير لايحب منظر او النظر الى باقة زهور منسقة بطريقة جيدة!!.
اما القول بأن المرضى بحاجة للدعم وادخال الامل في نفوسهم وتعليمهم ما يحتاجون اليه فهو كلام بالرغم من انه واضح الا ان لا خير فيه، فاهداء الزهور لم يمنع الزائر اصلا من الدعاء وتمني الشفاء لمن يزور من المرضىِِ كما ان منظر الزهور الجميلة يلعب دورا كبيرا في بعث الامل في كثير من النفوسِِ اما موضوع التعليم فغريب حقا، فالمريض آخر انسان على استعداد لسماع المواعظ والدروس، والتعلم، بل يحتاج الى محادثة هادئة وقراءة خفيفة ومشاهدة المسلي من برامج التلفزيون.
ما احوجنا لما يفيدنا من الفتاوى، وليس لما لا يسمن ولا يغني من جوع.
ان الحق ليس على المجيب فقط، بل على من تفرغ لتوجيه مثل هذه الاسئلة.

الارشيف

Back to Top