الطامة الكبرى (2)
تقول النشرة المصقولة والصادرة عن وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الكويتية، التي تقوم بتوزيعها على المصلين في مختلف المساجد، ان من نعم الله علينا أن جعلنا امة وسطا، وجعلنا قدوة للآخرين! ومن اجل ذلك يجب ان لا نتشبه ب 'البهائم'، ونبتعد عن التشبه ب 'اليهود والنصارى'! ومن اشكال التشبه بالآخرين، والتي تعتبر في حكم المعصية والفسق والفجور، العادات التالية: الأكل او الشرب باليد اليسرى! لبس خاتم من الذهب! وحلق اللحيةِِ! وهكذانرى ان حكومة دولة الكويت، ممثلة بوزارة الاوقاف، تصدر كتيبا او منشورا مطبوعا تقول فيه إن حلق اللحية معصية وفسق!.
ثم يخرج علينا الكتيب بأمر لم نكن ندركه من قبل حيث يبيح للمسلمين التشبه بالكفار، اي اليهود والنصارى، في بعض الامور المباحة كأن نقوم بتقليدهم في الميدان الصناعي مثلا! وهذا بنظري قمة التسامح الديني من الوزارة المحترمة!.
ويذكر الكتيب، وفي واحدة من أخطر فقراته، ان من مضار التشبه او التسامح مع الآخرين خلق شعور بالأمان والتجانس معهم، كما أنه يورث المحبة والمودة والموالاة! وهذا ما لا يريده لنا سدنة وزارة الاوقاف الجدد، فالكراهية يجب ان تستمر بيننا كمسلمين وبقية شعوب الارض!
وجاءت النشرة على ذكر الآيات القرآنية الكريمة التالية في معرض دفعها المسلمين لكراهية غيرهم، وبالذات اليهود والنصارى: 'ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم' البقرة 120
'ما يود الذين كفروا من اهل الكتاب ولا المشركين ان ينزل عليكم من خير من ربكم' البقرة 105.
ولكن تناست النشرة ذكر الآيات الكريمة التالية:
'ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون) المائدة/82.
(اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم) المائدة/5، 'ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون' المائدة/69، 'ان الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين اشركوا ان الله يفصل بينهم يوم القيامة ان الله على كل شيء شهيد' الحج/17.
وتصل السخرية قمتها في تلك النشرة عندما يقوم من كتبها باختيار ما يشاء من المواد او الامور من كتب التراث وذكرها كمسائل مسلم بها ويجب بالتالي الامتناع عنها، ليس لحكمة او لمنفعة، بل فقط لكي نخالف بها ما يفعله اليهود والنصارى مثل ضرورة لبس النعال والخفاف في الصلاة، حيث يصلي اليهود بدونها!، والنهي عن وضع اليد على الخاصرة عند الصلاة لأن اليهود يفعلون ذلك! وكراهية الاختصار في الصلاة فقط لأن اليهود يفعلون ذلك! والنهي عن تشبيك اليدين في الصلاة، لأنها صلاة المغضوب عليهم، اي اليهود! كما أن من المنهي عنه الجلوس في الصلاة بالاعتماد على اليد اليسرى لأنها من عادات اليهود! كما ينصح المنشور المسلمين بتعجيل الفطر وايضا لمخالفة اهل الكتاب الذين يؤخرونه! ويورد المنشور حديثا لابن تيمية يقول فيه إن المسلمين في خير وعزة ما داموا يعجلون في الافطار! ثم يأتي المنشور على ذكر اللحى والشوارب حيث يقول ان المسلمين ابتلوا بأمرهما ولم يعفوا اللحية ويحفوا الشوارب بل قلدوا الكفار، وفي ذلك مخالفة لأنه تغيير في خلق الله!.
وورد في النشرة كلام كثير وطويل يتعلق بطريقة قص اللحية وتشذيبها وعن عدم جوازية ترك بعض شعر الرأس وحلق بقيته، وعن النهي عن وصل الشعر، وشرح مفصل عن طريق تغيير لون الشعر الذي يصاب بالشيب، وايضا كأسلوب في مخالفة الكفارِ وورد ايضا كلام عن كيفية السلام ورد السلام مما لا مجال لذكره والرد عليه هنا.
ثم تبلغ مواد النشرة ذروتها بذكر 'شبهة' معينة والرد عليها: فالشبهة تقول ان البعض معجب بالكفار، اي شعوب العالم الغربي، وذلك بالاعتقاد بأن لديهم صفات حميدة كالصدق والوفاء والامانة!
ورد وزارة الاوقاف الكويتية على ذلك، ومن خلال نشرة حكومية يقول إن الواقع يقول عكس ذلك حيث ان 'الغربيين عامة':
أخلاقهم فاسدة وخبيثة، ويكثر بينهم الحسد والغدر والخيانة والبغي والفساد والكذب والفجور وغيرها من الرذائل والفساد الاخلاقي.
للراغبين في الحصول على نسخة من هذا المنشور العجيب ارسال الطلب على الفاكس رقم 5342329.
أحمد الصراف