النرجسية الكويتية

يتغير العالم من حولنا بسرعة هائلة الى درجة لا تستطيع عقول الكثيرين منا استيعاب هذه التغيرات او حتى فهمهاِ وتعتبر بعض هذه التغيرات، سلبية كحالة البيئة وشح مصادر المياه، ولكن الأمر يميل في الغالب، وبشكل واضح، نحو الأحسن والأفضل في كثير من الأمور مثل حقوق الإنسان وزيادة التفاهم بين الشعوب، وقلة الحروب الأهلية نسبيا، وزيادة انتاج الغذاء عالمياِ الخ.
* * *
تعتبر بريطانيا من أكثر دول العالم محافظة، ويعتبر حزب المحافظين فيها من أكثر المؤسسات تمسكا بالتقاليد البريطانية والارستقراطية العريقة المخالفة لكل ما هو غير بريطاني، أو انكليزي بشكل أدقِ وقد حارب هذا الحزب، ومؤسسة العرش، وطوال قرون عن الجانب المحافظ في المجتمع البريطاني وفي قيادته بالذات ومنع، بشتى الوسائل، وصول الكثير من أصحاب الكفاءات من غير المنتمين للأعراق البريطانية، وبالذات الانكليزية، الى العديد من المراكز والمناصب المهمة.
* * *
وقد تغيرت في العقود الأخيرة كافة دول العالم، ومن بينها بريطانيا وحزب المحافظين فيها، وتغيرت طريقة تفكير قيادته وأصبحت قواعد حزب المحافظين بالذات أكثر تقبلا للغير، الى درجة أصبح فيها ترشيح مايكل بورتيللو لتولي زعامة الحزب، بالرغم من أنه مهاجر كاثوليكي ايطالي، من الأمور التي يمكن تقبلها بسهولة وبصورة طبيعية، وهو أمر لم يكن أحد يتصور حدوثه قبل فترة ليست ببعيدة، ولم تقلل اعترافاته بممارسة الشذوذ الجنسي في صباه من فرص فوزه بزعامة الحزب!.
* * *
أما نحن فلا نزال، وفي بداية القرن الحادي والعشرين، نعتقد بأن الخير كله لدينا والشر كله حوالينا!.
فقد أصبحت الكويت، التي كانت من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط انفتاحا وليبرالية، من الدول النادرة جدا في العالم التي تحولت الى نموذج سيئ في المحافظة التي بلغت درجة التطرف في نواح كثيرة، وزادت فيها نسبة البداوة وتأصلت فيها العصبية القبلية والطائفية أمام سمع وبصر السلطة، دون ان يحرك أحد ساكناِِ وكأن الأمر لا يعنيها!.
فحالات الزواج بين أهل البادية والمدينة كانت أكثر انتشارا في السابقِ وعدد حالات المصاهرة بين المنتمين لطوائف مختلفة كان أكثر تقبلا في الماضي عنه اليومِ كما أن من هم اليوم على استعداد للترشيح في مناطق انتخابية ذات أغلبية تختلف خلفيتها العرقية أو الطائفية عن خلفيته اصبح شبه معدوم بعد أن كان أمرا عاديا ومقبولا في السابقِ كما تبين نتائج انتخابات كافة الجمعيات التعاونية والكثير من جمعيات النفع العام والشركات المساهمة مدى تغلغل الطائفية والقبلية في نفوس الغالبية، بحيث اصبح الأمر مقبولا الى درجة اصبحت فيها معارضة، دع عنك محاربة، هذا الأمر هو الأمر المقبول والشاذ في الوقت نفسه.
إن الأمر يتطلب ثورة في المناهج التعليمية وفي الرسالة الاعلاميةِِ ونحن بكل بساطة أعجز من أن نضع أيدينا على الخلل، أما مسألة القيام بواجب معالجة هذا الخلل فهي كالغول وكالعنقاء وكالخل الوفي.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top