وضع البوستيج وضرب الباليش
نشرت الزميلة نورا جنات تحقيقا صحفيا في 'الوطن' قبل فترة قصيرة تناولت فيه ظاهرة التدين والدروشة التي اجتاحت بعض صالونات 'تجميل' السيدات، حيث اصبحت هذه المؤسسات مراكز دعوية دينية تنافس جهود الداعية 'الرائعة' سهير البابلي و'التائبة' الاخرى شمس البارودي!! وذكرت الزميلة ان هذه الصالونات اصبحت تمتنع عن اجراء اية عملية تجميل شعر أو تعديل الحاجب أو معالجة بشرة ما لم تثبت 'الزبونة' انها سيدة متزوجة وتبرجها بالتالي خاص بزوجها، ومن غير الجائز شرعا، برأي هذه الصالونات، تزين المرأة لغير بعلها.
وان صدقت الزميلة، ولا أخالها الا صادقة، في ما ذكرته من وقائع مضحكة ومؤسفة في الوقت نفسه عن صالونات التجميل هذه، فان هذا يعني ان الحركة النهضوية الاصلاحية الدينية قد وصلت عقر دار النساء، واصبح الإسلام والدين بالتالي بمأمن من خبث الخبثاء وكيد الاعداء.
وتضيف الزميلة: ان كثيرا من صاحبات هذه الصالونات يقمن شخصيا بشرح وجهات نظرهن 'الدينية' لطالبات التجميل من زبائنهن والمتعلقة برفضهن المشاركة في اثم كبير يتمثل في تسهيل خروج السيدات إلى الشارع وهن في كامل زينتهن لغير ازواجهن، حيث ان هذه الزينة قد تكون سببا في وقوع الفتنة بين الناس وحدوث ما لا تحمد عقباه!!
***
لست من مرتادي اي نوع من انواع صالونات الحلاقة، لا لسبب الا لانعدام موجبات الزيارة لدي من الناحية الفزيولوجية البحتة، وعليه من الصعب بالتالي تحديد رد فعلي في حالة رفض صاحب صالون ما اجراء الحلاقة المناسبة لي بسبب عدم اعجابه بلوني أو عدم حبه لاعتقادي الديني أو لاي سبب آخر!! ومن العبث في هذه الحالة اللجوء للجهات الحكومية بعد ان تلحفت غالبيتها برداء التخلف، وبذلك لا يصبح امامنا الا طرح مجموعة التساؤلات التالية علها تجد اذنا صاغية لمن يعنيهم الامر اكثر من غيرهم، وهنا نفترض انهم لا يزالون يودون سماع ما نقول، ولم يقوموا بعد بتركيب اذن من طين واخرى من عجين:
هل يحق لاي صاحب حرفة أو خدمة التمييز بين زبائنه وعملائه بسبب اللون أو الدين مثلا؟؟
وهل يحق لصاحب حرفة أو مدير مؤسسة أو شركة تجارية مرخصة فرض آرائه الخاصة، والدينية منها بالذات، على عملائه وقبول البيع لهذا ومنعه عن ذلك لا لسبب الا لكراهيته لمذهب هذا وحبه للون ذلك؟
وهل سيأتي الوقت الذي سيصل فيه نفوذ 'الاصلاح الاجتماعي' محطات تجميل السيارات بحيث تمنع هذه من تنظيفها وتلميعها بحجة ان هذا اللمعان أو البريق قد يغري سائقي وسائقات السيارات الاخرى بالنظر لها أو لصاحبها فتلتقي العيون وتتبعها النظرات ثم سلام فكلام فموعد فلقاء؟!
وهل سيمتد النفوذ العتيد لقوى التخلف للمناطق الصناعية بحيث تمنع الحكومة ورش دهان السيارات مثلا من استعمال تعبيرات مثل 'ضرب باليش' منعا لما تحمله مثل هذه الاعلانات من ايحاءات؟
لست ادري، ولا اعتقد ان احدا يدري إلى اين سينتهي بنا المطاف، ولكن ايا كانت عليه الحال فانه سوف لن يكون خيرا طالما بقيت 'عيون' صاحب الامل الوحيد تنظر للجهة الأخرى، وتحسب حساب قوى التخلف بحيث اصبح الفوز في مساجلة أو معركة برلمانية اكثر اهمية والحاحا لديه من مستقبل دولة برمتها!
أحمد الصراف