صناعات النصب والاحتيال

هناك فرق بين ما تعارف على تسميته باللباس الاسلامي، سواء ما تعلق بملابس الرجال او بملابس النساء، وبين ما كان يلبسه المسلمون في صدر الإسلامِ فالاول مختلف عليه وعلى حدوده، ولكنه امر واقع ونراه امامنا كل يوم باشكال والوان واطوال مختلفة متنوعة يدعم كل نموذج منها طائفة من رجال الدين او السياسةِ اما الثاني، اي ملابس المسلمين الاوائل، فليس هناك من يعرف اشكالها وطريقة تصميمها، ولو بشكل قريب من الدقة، ولا من اين يبدأ ذلك اللباس وفي اي جزء من الجسم ينتهي وما يستر وما كان يسمح بالكشف عنه، حيث لا توجد صور او رسومات او وصف روائي او تاريخي او حتى نص ديني او بيت شعر يوضح شكله او نطاقه، طوله او عرضه!!
فما نراه امامنا من كرنفال متنوع من الازياء والالوان والتصاميم والتي تختلف من قارة لاخرى ومن دولة لاخرى واحيانا من مدينة لشقيقتها يؤكد قولنا ان ليس هناك ولو شبه اتفاق على موضوع الحجاب.
***
انتشر في السنوات الاخيرة العديد من الاعلانات التجارية التي تعلن عن توفر منتج او صنف او بضاعة توصف لغرض ترويجها بانها 'اسلامية'ِ فهناك الحجاب وهناك السروال وهناك المصرف والى آخره.
وقد ظهرت في الآونة الاخيرة العطور 'الاسلامية' وهي التي يدعي مصنعوها، او بالاحرى معبئوها، بانها خالية من الكحول الى حيث تقوم مجموعة من الورش في سوريا ولبنان وبعض مدن الامارات بانتاج مثل هذه العطور في 'مصانع' بعيدة عن اي نوع من الرقابة والاشراف الحكومي وتروجها على اساس انها خلطات خاصة وانها 'عطور اسلامية' لانها خالية من الكحول!
وقد ثبت لكل من جرب تلك المواد مدى خطورة الكثير منها على الجلد، ولكن هذا ليس موضوع هذا المقال.
نستعمل الكحول يوميا في الكثير من الامور، وخاصة في الامور الطبية حيث من الاستحالة اجراء أية عملية جراحية ناجحة بدون استعمال هذه المادة ولو لاخذ ابرة بسيطةِ كما توجد مادة الكحول في اللبن والخل ونحن نتناول هذه المواد يوميا تقريباِ كما تحتوي الكثير من الادوية التي لا يخلو منها بيت في الكويت او في اية دولة اسلامية على نسبة من الكحول مثل 'ماء الغريب' او السوائل المستعملة للتخفيف او للقضاء على بعض انواع السعال.
وقد منعت وزارة الصحة في السنوات الاخيرة استيراد الكثير من الادوية التي تدخل في تركيبتها مادة الكحول وبذلك اصبحت تلك الادوية ذات مفعول اقل بكثير من مثيلاتها التي تباع في دول اقل تعقيدا مناِ ولهذا السبب يذكر البعض ان الدواء الذي احضره من 'الخارج' لهذا العارض او لذلك المرض اقوى واحسن من مثيله الذي يباع او يوزع في الصيدليات الخاصة او الحكومية.
ولو يعرف كل مستعمل او مستهلك للعطور الخطوات التي تمر بها صناعة كل قطرة عطر فرنسية، او غربية، والاحتياطات التي تتطلبها هذه الصناعة وخطوات التعقيم والتطهير التي تمر بها لما قبل.
ولكن اذا كانت لدى البعض منا شبهة دينية في ما يتعلق بالعطور الاجنبية الغربية، فالافضل له عدم استعمال اي عطر بدلا من شراء ذلك الدجل المسمى بالعطر الاسلامي!
لقد فشلنا في كل صناعة وتجارة وحرفة الا صناعة النصب والاحتيال فلا نزال، بالرغم من كل مصائبنا، من روادها الاوائل.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top