العدوة والعازمي
لا نبالغ إن قلنا ان المستقبل المالي للأجيال القادمة، لا بل وكامل مصيرها، بعد نضوب النفط، أو انهيار أسعاره عالميا، وهو أمر غير مستبعد وقوعه في أي يوم، يقع بيد حفنة من الإداريين المدنيين وعلى رأسهم رئيس الهيئة العامة للاستثمار صالح الفلاح.
اكتشف السيد الفلاح، بعد فترة قصيرة من تسلمه مهام ادارة واحدة من أخطر مؤسسات الدولة، ان بالإمكان إدارتها، وبكفاءة، بعدد موظفين لا يزيد عن الخمسين.
ولكن عوضا عن ذلك، وبضغوط مورست عليه وعلى كل من أدار تلك المؤسسة من قبل، أو في الفترة التي لم يكن يديرها فعليا أحد ما، ارتفع عدد العاملين فيها ليصبح أكثر من 370 موظفاِ ويشكل هذا، اضافة الى ما يتسبب فيه من هدر مالي كبير، عبئا إداريا وفنيا على ادارته العليا يفوق عبء ومسؤولية إدارة أكثر من مائة بليون دولار في اكثر أسواق العالم تحركا وقلقا واضطرابا، وذلك بسبب تدخلات بعض النواب وتحرشاتهم وتهديداتهم المتكررة لموظفي ومسؤولي الهيئة بشكل دوري منتظم!.
ان المسؤولية الأساسية وراء تردي الأوضاع 'السياسية' داخل الهيئة العامة للاستثمار لا تقع على مديرها العام، بل على عاتق السيد وزير المالية، فهو المسؤول الأعلى عن أعمال الهيئة، والذي على الرغم من كل ما يشكله وضعه السياسي من ثقل معنوي ومادي، الا انه، ولسبب ما، مضطر لمسايرة ضغوط 'بعض' النواب والاستماع لتافه طلباتهم والخضوع للخطير من رغباتهم وتوظيف أقاربهم وأنسبائهم وأفراد طوائفهم وقبائلهم في أكثر مناصب الدولة حساسية وخطورة، بصرف النظر عن مؤهلات أو كفاءة أو خبرات هؤلاء الأفراد.
ولا اعتقد ان هناك سببا، ولو كان يتمثل في الاستجواب وما يتبع ذلك من مساءلة سياسية، يبرر كل هذا الموقف العاجز والسلبي وكل هذا التردد في حماية أموال الدولة ومصير أجيالها القادمة من طمع وجشع مجموعة من الجهلة والمتهافتين على نهب خيرات البلاد بطريقة القضم البطيء والصغير ولكن المستمر!.
اننا لا نطالب هنا فقط السيد الفلاح بالوقوف أمام ضغوط نواب من أمثال العدوة والعازمي، فهو لم يقصر حتى الآن في ذلك، ولا نعتقد انه سوف يلين ويخضع لضغوطهم بسهولة، ولكن صموده وتحديه لمختلف انواع الضغوط سوف لن يطول ويستمر الى الأبد، فهو إما ان يستقيل من وظيفته أو ينهار ويدع 'القرعة ترعى'!.
وعليه، نطالب السيد وزير المالية ان يفعل كل ما لديه من علاقات وقوة معنوية مكتسبة من وضعه الاجتماعي الخاص، الوقوف في وجه طلبات النواب ومنعهم من ممارسة ضغوطهم السياسية على مسؤولي الدولة، فإن لم يستطع عمل ذلك فعليه على الأقل إبعاد تلك التعيينات السياسية عن كادر الهيئة وتوزيعها على عشرات المؤسسات والهيئات والشركات الأخرى التي تقع تحت مسؤوليته.
كما نطالب السيد رئيس مجلس الأمة، وفي خطاب افتتاح الجلسة القادمة لمجلس الأمة، مطالبة النواب التوقف عن التدخل في وظائف الأجهزة الحكومية الفنية وتوجيه التهديدات لمسؤولي تلك الأجهزة، باعتبارهم مشرعين ومراقبين لعمل السلطة التنفيذية التي تستلزم بداهة منهم عدم التدخل في سير عمل مؤسسات تقع ضمن نطاق رقابتهم البرلمانية.
***
ملاحظة:
عندما سئل محافظ البنك المركزي قبل فترة عن سبب رفع الفائدة قال ان هذا سيساعد على توطين الدينار ومنع هروب رؤوس الأموالِ وعندما قرر قبل يومين تخفيض الفائدة على الدينار ذكر ان هذا التخفيض سيزيد من 'توطين' الدينار!!! هل فهمتم شيئا؟.
أحمد الصراف