دوري الصراخ
أتفق مع السيد أحمد القطان، صاحب وقف ملايين السنابل الذهبية والفضية وربما البرونزية، وأختلف مع مناوئيه ومعارضيه الذين يطالبونه بالذهاب الى بيت المقدس ومحاربة الصهاينة هناك بدلا من الاكتفاء بإلقاء الخطب الحماسية في الجماهير المغيبة، حيث ان الامر ليس بتلك البساطة، ومن السذاجة ان يقوم شخص في مثل سنه ومكانته،بالسفر الى الاراضي المحتلة ومحاولة محاربة الآلة العسكرية الصهيونية وهو اعزلِ كما ان الدخول الى تلك المنطقة شبه مستحيل بسبب الحواجز والقيود المفروضة على تنقل الافراد والآلياتِ كما ان من المهم الاخذ بالاعتبار ان الفلسطينيين هم المعنيون اولا واخيرا بقضيتهم، وربما لو تركهم العرب منذ اليوم الاول لشأنهم لما وصلوا لما هم عليه الآن من تشرذم وتشتت بسبب مزايدات اشقائهم وخيانات احبابهم!
ولكن، وآهِِ ألف مرة من ولكن، ما الذي منع السيد احمد القطان من ضرب اروع امثلة نكران الذات ودخول 'وطنه' خلال فترة الغزو العراقي الحقير ومحاولة محاربة جنود الاحتلال الذين دنسوا ارضه، علما بان حدود الكويت مع السعودية، حيث كان يتمتع بالاقامة معنا فيها، كانت مشرعة للكل، وكان العديد من الاخوة الكويتيين، ومنهم الاخ عايض الذي كان يعمل لدى احد افراد اسرة الصباح، وممن كانوا في عمر السيد القطان وقوته وقتها، من المداومين على دخول الكويت والخروج منها بين الفترة والأخرى وحمل الرسائل والعودة بالاجوبة عليها؟ كما كان كثيرا ما يعود وبمعيته فرد او اكثر ممن اضطرتهم ظروفهم لترك وطنهمِ كما يعرف الكثيرون قصص البطولة الرائعة التي قام بها العديد من المواطنين ممن عادوا للكويت وقتها ونفذوا عمليات عسكرية عديدة ضد جنود النظام العراقي التافة ومنهم من عاد لنا سالما ومنهم من وقع أسيرا في يد اشقاء السوء واستشهد كأحمد قبازرد وغيره العشرات؟!
ان بعض رجال الدين الذين يكتفون بملء الدنيا صراخا من على المنابر الخطابية، والذين لم نسمع بإصابة اي منهم ولو بجرح بسيط منذ ان بدأت الانتفاضة الفلسطينية الاولى مرورا بالحالية، ذكروني بقصة ذلك الزعيم الاسلامي الكبير الذي كان دائم الحسرة والغيرة كلما نقل له قواده نبأ استشهاد عدد من جنوده في معاركهم مع عدو بلادهم، حيث كان يقول لمقربيه إنه يتمنى لو كان واحدا من اولئك 'الشهداء' الذين سبقوه الى الجنة!
ولكن ما ان بدأت الامراض بمداهمته بسبب كبر السن فحسب حتى بدأت وفود الاطباء الغربيين بالتوافد على عاصمة بلاده لتقديم المشورة والعلاج والدواء له وعمل المستحيل لإعادة 'احيائه ' بالرغم من تجاوزه التسعين من العمر!
أحمد الصراف