الدستور وقوانين الصحراء
نهنئ أنفسنا كمواطنين ونهنئ بقية المقيمين والشعوب العربية والأمة الاسلامية جمعاء، كما نزف البشرى لجمعية حقوق الانسان في الكويت المنبثقة عن المنظمة العربية لحقوق الانسان والمتصلة بهيئات وجمعيات ومنظمات حقوق الانسان في العالم، بقرب زيادة عدد 'البدون' في العالم وذلك عندما تتم الموافقة على توصية اللجنة، او الجهات الأمنية في وزارة الداخلية، بسحب الجنسية من كويتية متهمة بقضية تسهيل مهنة غير أخلاقية (!)، فهذه اول مرة نعرف فيها أن قانون العقوبات الكويتي ينص على إلغاء جنسية، وربما وجود كل من تتهم، ولا نقول تدان، في قضية تتعلق بالدعارة؟
نعلم ويعلم كل المحيطين بنا أن هناك راعيا كبيرا لكافة السلطات، وان هناك مجلس أمة تصدر منه كل القوانين، وان هناك حكومة تقوم بتنفيذ القوانين، ومجلس قضاء اعلى يهيمن على سلطة مستقلة، وان هناك قانون عقوبات ينص على عقوبة كل جنحة وجريمة بطريقة لا تقبل اللبس والإبهامِ ولكن لم نكن نعلم في أي يوم من الأيام، وبعد ان عددنا كل تلك المؤسسات التشريعية والقانونية والتنفيذية، ان هناك جهات أمنية توصي بما تشاء وقت ما تشاء ولمن تشاء.
ولو افترضنا جدلا أن التوصية سيؤخذ بها، فماذا سيكون وضع تلك المرأة القانوني؟ هل سيسمح لها بالبقاء في البلاد، وعلى أية مادة من مواد قانون الإقامة؟ أم ستشحن في طائرة مموهة بدون علامات ويتم إنزالها في جزيرة غير معروفة؟ وهل سيتم قبل كل ذلك توقيع عقوبات زمنية ومالية إضافة بحقها؟
كما ورد أيضا في نص الخبر الذي نشر في الصفحة الاولى من عدد 'الوطن' 29/10 أن التوصية بسحب الجنسية قد تمت على أساس ان قوانين الإقامة تحرم اكتساب الجنسية الكويتية على اصحاب السوابق، وهذا يعني ان الجنسية الكويتية قد منحت لها على أساس خاطئ، وحيث ان المنح يتم بتوصية من جهات أمنية وليس من قبل آلات ومحركات فلماذا لم توص تلك الجهات الأمنية بسحب جنسية كل من أوصى بمنح تلك المرأة الجنسية في المقام الأول، او على الأقل تطالب بتقديمه للتحقيق؟! وأين كانت تلك الجهات الأمنية من أولئك الذين استحلوا مئات الملايين من الأموال العامة وتسببوا، عامدين متعمدين، في اضاعة بلايين الدولارات الاخرى؟ ولماذا لم توص تلك جهات الأمنية وزير الداخلية بإسقاط الجنسية عنهم وهم الهاربون من وجه العدالة؟ علما بأن الجهات أمنية اخرى قامت بتبديل جوازات سفرهم المنتهية بجوازات سفر صالحة لكي يتم استمرار استمتاعهم بما بين أيديهم من أموال محرمة؟
نرجو ان يكون الخبر ملفقا، ونرجو ان نقرأ نفيا له من اعلى سلطة في وزارة الداخلية، حيث ان بقاء الوضع كما هو عليه يعتبر إهانة لشعور كل انسان ووصمة عار في جبين دولة تريد ان تبيض وجهها أمام العالم الحر، وبقاء الوضع على ما هو عليه يبين بشكل واضح الخلل الدستوري الذي نعيش فيه، حيث لا نود ان نصدق اننا نعيش حقا في دولة مؤسسات وليس في بيت شعر صحراوي!.
احمد الصراف