خرافة الحكومة الالكترونية في الكويت

لأسباب أمنية، وكنتيجة لإقامتي الطويلة في الخارج، وبسبب شعور عدم الاطمئنان الذي ينتابني بين الحين والآخر، خاصة عندما أتلقى تهديدا بالقتل على الهاتف أو شتيمة بالفاكس بسبب مقال ما، فقد دأبت منذ فترة طويلة على تدوين مجموعة أرقام الهاتف التي من الممكن الاتصال بي عن طريقها عندما لا أكون موجودا في البيت وكذلك مجموعة الأرقام الخاصة بالجهات الأمنية والطوارئ كمستشفيات المنطقة والإسعاف والنجدة والحريق وطوارئ المياه والكهرباء وأخيرا المخفر، وحفظها في مكان بارز في البيت لتكون تحت تصرف الجميع.
كما أحرص أيضا، خاصة عند قدوم خادمة أو خادم للعمل في البيت لأول مرة، على تزويدها بنسخة من كشف ارقام الهاتف هذا وشرح تفاصيله والغرض منه لهاِ كما اقوم بين فترة وأخرى بتحديث بيانات الكشف، وهذا ما فعلته قبل أسبوع، حيث ذهبت إلى مخفر شرطة الجابرية في الصباح الباكر وقمت بتدوين الأرقام التالية التي أعطيت لي:
رئيس المخفر، هاتف رقم: 5311012 أو 5311013
رئيس التحقيق: 5314976
الكتبة: 5312562
الشرطة: 5312560
بوحسن (!!!): 5312559
وقمت بناء على ذلك بتضمين كشف هواتف البيت بتلك الأرقام الجديدة.
***
لم أكن أتوقع أنني سأحتاج للاتصال بالمخفر بعدها بأسبوع واحد فقط، ولكن عندما قمت بذلك فوجئت بأن كافة الأرقام التي كانت بحوزتي كانت ترنِِ وترنِِ وترنِِ وترنِِ ولكن من غير سميع ولا مجيبِ شعرت بأن كارثة ما ربما وقعت في المنطقة بحيث انشغل الجميع بها عن الرد على مكالماتي الهاتفيةِ وكان من الصعب تصور أن مخفرا يخدم منطقة سكنية وتجارية مكتظة بمئات العمارات وعشرات المنشآت الحيوية غير قادر على الرد على رنين ستة خطوط هاتفية لأكثر من نصف ساعة، وانه لا بد ان يكون في الأمر شيء ما.
ذهبت الى المخفر فوجدته كالعادة ممتلئا بالمراجعين والموقوفين والعديد من أفراد الشرطة والمتورطين في حوادث السياراتِ ولم يكن هناك ما يدل على وجود حالة طوارئ أو ان أمرا خطيرا قد وقع في المنطقة بحيث شغلهم عن الرد على محاولاتي الاتصال بهم هاتفياِ اتجهت من فوري لقسم الأحوال، وأنا أغلي غضبا، وسألت العريف عن السبب الذي جعلهم لا يقومون بالرد على مكالماتي الهاتفية لأكثر من نصف ساعةِ فأنكر العريف الأمر وقال انه لم يغادر المخفر منذ ساعتين ولم يسمع رنين هاتف واحد منذ أكثر من نصف ساعةِِ ولا بد أن في الأمر شيئا ماِ فسلمته كشف هواتف المخفر التي سبق أن دونتها قبل أسبوع.
تناول العريف كشف ارقام الهواتف من يدي وألقى نظرة متكاسلة عليه وقال بعدم اكتراث واضح وببرود أوضح: حجي كلامك صحيح، فأرقام الهاتف هذه كلها أرقام المخفر ولكنها خاصة بالفترة الصباحية فقط، أما فترة المساء فلها أرقام أخرى!.
وهنا اكتشفت ليس فقط أن أرقام هواتف المخفر المسائية هي غيرها عن أرقام الصباح بل ان في المخفر أكثر من 60 خط هاتف مباشرا ولو ضربنا العدد في عدد المخافر في الدولة لوجدنا أن هناك ما يزيد عن 7200 خط هاتف مباشر فيها جميعا، وانه يمكن تخفيضها إلى الف خط كحد اقصى في حال تركيبات خطوط مباشرة قليلة وبدالة اوتوماتيكية في كل مخفر، وهو المكان الوحيد في الدولة الذي لم يتعرف حتى اليوم على هذا الاختراع الذي عرفه العالم قبل 65 عاما!.
هل يفعل السيد وزير الداخلية شيئا بخصوص هذا الوضع المؤسف والقابل للتعديل بجرة قلم منه؟!ِ وهل لانزال نصر على التحدث في موضوع الحكومة الالكترونية؟!.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top