إنك أسمعت لو تناديِِ ولكن
حاربت التجمعات المتزمتة دينيا، والتي تتمثل في جزء منها في مجموعة من نواب مجلس الأمة تساندهم قوى سياسية متأسلمة وقبلية، مشروع الجامعات الأهلية ونجحت في إقراره بناء على تصوراتها الخاصة للمشروع.
وقد تقبلنا النتيجة وقتها على مضض لاعتقادنا، ولا نزال، بأن هذا ثمن الديموقراطية وحرية الرأي الواجب دفعه والاستمرار في دفعه الى ان تقوم تجمعات الناخبين من عميق سباتها وتعرف الى اي منحدر خطر تدفع بنفسها وبأمتها اليه من خلال انسياقها وراء آراء وأفكار مثل هذه القيادات الجاهلة.
تبين الآن، لي شخصيا على الأقل، مدى ما كنا نتحلى به من بساطة وطيبة قلب عندما فكرنا بتلك الطريقة الساذجة، وذلك عندما اكتشفنا ان هناك اتصالات محمومة تجري بين عدد من نواب مجلس الأمة وبين مستثمرين من اصحاب التوجهات الدينية المتشددة قد تفضي في نهاية الأمر الى إنشاء كليات ومعاهد اهلية بالتعاون مع مؤسسة التأمينات الاجتماعية(!) والأمانة للوقف وبيوت استثمارية اخرى ذات نشاط مشبوه! ومن ذلك يتبين لنا حجم الكارثة التي ستصيب هذا الوطن في مقتل في السنوات المقبلةِ فالجهة الوحيدة التي بامكانها إنشاء جامعات وكليات ومعاهد دراسات عليا منفصلة للجنسين (منع الاختلاط) دون النظر لعاملي الربح والخسارة هي الجهات التي تمتلكها او التي تسيطر على مقدراتها قوى حزبية دينية مسيسة ذات اهداف وتطلعات بعيدة والتي تمتلك موارد مالية هائلةِ وهذا يعني ان بامكان تلك الجهات وحدها وضع مقررات تلك الجامعات وتحديد نوعية كتبها ومراجعها ونوعية طاقم مدرسيها والتحكم بالتالي في مخرجاتها وحتى في طريقة تفكير تلك المخرجات!.
لقد نجحت القوى السياسية الدينية خلال العقود الثلاثة الاخيرة، وبدعم اعمى من قوى سياسية مدنية حكومية، في ترسيخ أقدامها في كافة مؤسسات الدولة بما في ذلك المؤسسة التعليمية، وفرضت مناهجها واعتقاداتها وصبغت كل مادة وأمر بصبغتها الدينية المتطرفة.
لا نعتقد ان هناك خطورة او عيبا في إنشاء جامعات وكليات تتبع نظام عدم الاختلاطِِ فهذا التقليد موجود في كافة دول العالم ولكن الخطورة تكمن في توجهات واهداف تلك الجهات التي تقف او التي ستقف وراء مثل هذه المشاريع التعليمية رهيبة التأثير على مستقبل الأجيال القادمةِ وأعتقد بإخلاص ان من واجب كل القوى المحبة لهذا الوطن والتي تعمل من أجل رفعة شأنه وتبوئه لما يستحقه من مكانة بين دول العالم ايقاف هذا المشروع ومنع مؤسسات مثل التأمينات الاجتماعية والأمانة العامة للوقف والمؤسسات الاخرى من المشاركة فيها.
احمد الصراف