شركة البترول الوطنية و'البدون
فشل، وللمرة الألف، مشروع خصخصة شركة البترول الوطنية، أو حتى خصخصة جزء من محطات بيع التجزئة فيها، على الرغم من انها كانت من أولى الشركات المرشحة للخصخصة.
وأفشلت القوى الخفية جهود أكثر من وزير سعى لعمل شيء ما بخصوص هذا الموضوع، وربما كان أكثرهم جدية الصديق والزميل والوزير السابق علي البغلي.
تشبه مسألة خصخصة شركة البترول في جانب منها مشكلة 'البدون'ِ فقد تم، ولمئات المرات، تأجيل اتخاذ قرار حاسم بشأن أفراد هذه الفئة سنة بعد أخرى، واكتشفنا بعد مرور الوقت ان عددهم أصبح في عداد مئات الآلاف بعد ان كانوا يعدون بالمئات.
وهكذا الأمر مع موضوع خصخصة محطات البترولِ فعندما تم طرح المشروع للمرة الأولى لم يكن عدد المواطنين العاملين فيها، وخاصة من الفئات الدنيا، يمثل مشكلة ماِ كما كانت مستويات رواتب البقية معقولة، وكان من الممكن تعويضها من خلال فرص عمل أخرى كثيرة كانت متاحة وقتهاِ بعد مرور عقدين أو أكثر من الزمن تزايد عدد المواطنين العاملين في تلك الشركة، بسبب ضغوط قوى التأسلم والتخلف السياسية على ادارة الشركة، وبالذات في الوظائف الهامشية، وتضخمت في الوقت نفسه رواتبهم، واصبحت الشركة تعاني من تضخم وظيفي لا يختلف عن وضع اية وزارة في الدولة، وتعقدت مسألة الخصخصة بمرور الوقت، وتكرر تأجيل الموضوع من عهد وزير الى آخر دون ان تستطيع جهة ما الخروج بالقرار المناسبِ وساهم، باعتقادي، الارتفاع الأخير في اسعار النفط في تأجيل وتعقيد مسألة الخصخصة الأخيرةِ ويعتقد بعض المراقبين ان هذا الارتفاع وغير ذلك من الارتفاعات التي طرأت على اسعار البترول في السنوات العشر الأخيرة، كانت وبالا على حركة اصلاح هيكل الدولة الاقتصادي، حيث تكرر تصرفنا الساذج السابق الذي تمثل في ميلنا الشديد للتبذير والاسراف في الصرف في اللحظة التي تبدأ فيها الأموال بالانهمار بين أيدينا، وننسى في خضم ذلك جميع قرارات ترشيد الانفاق وشد الاحزمة واصلاح النظام المالي والاقتصادي للدولة، وكأن ما طرأ من تحسن على اسعار النفط سيستمر الى الأبد!!
من الواضح ان عقدة الخصخصة تكمن في موضوع مالي محددِ فالقطاع الخاص يريد ان يدير تلك المؤسسة بطريقة اقتصادية سليمة ولا يريد ان يلزم بالاستمرار في الاحتفاظ بمئات الوظائف الهامشية وبتلك الرواتب العالية لمجرد انهم من المواطنينِ علما انه بالإمكان إحلال عمالةوطنية متعلمة وجديدة محل العمالة الوطنية القديمة وبرواتب تقل كثيرا عما يحصل عليه أولئك.
ان إصرار الحكومة على فرض كادر الموظفين الحالي على اية جهة تود الاستثمار في مشروع خصخصة الشركة أمر مجحف وغير مبررِ كما ان إصرارها من جانب آخر على عدم الزج بنفسها في ورطة سياسية قد يعرضها لمساءلة نيابية أو سؤال سياسي فج قد لا تستطيع الرد عليه بشجاعة، هي من الأمور التي ربما دفعت الحكومة، ولاتزال، لتأجيل الموضوع وكنس المشكلة تحت السجادة لكي تستفحل اكثر ويقع عبء حلها على عاتق وزير أو مجلس وزراء آخر.
لا يختلف الكثيرون معي على ان سبب المشكلة هو التردد الحكومي المستمر منذ عقود ازاء هذا الموضوع وغير ذلك من المواضيع الحساسة الأخرىِ وعلى الحكومة وحدها تقع مسؤولية الحلِ ومن الخير أن تتم المسألة الآن على أن يتم تأجيلها الى وقت آخر، قد لن يأتي أبدا.
وعليه اقترح، وبتواضع شديد، القيام بخطوات الحل التالية:
1) خصخصة كافة محطات الشركة وعرض المشروع على مجموعات متنافسة من المستثمرين يمتلك صاحب أعلى سعر بينهم 25% من المشروع وتطرح باقي الأسهم للاكتتاب العام بسعر خصم معقول.
2) التزام شركة نفط الكويت او الشركة الحكومية الجديدة التي سيناط بها أمر إدارة مصافي بترول الدولة ببيع الشركة بترولا مكررا بسعر خصم عائم يخضع للتقلبات العالمية في اسعار البترول.
3) وضع جدول تعويضات حكومي ملزم لكافة العاملين في الشركة من مواطنين او غيرهم يستطيعون من خلاله الاستقالة مقابل تعويض مادي جيد تموله الحكومة حاليا، ويستقطع من أرباح الشركة أو الشركات التي قامت بشراء المحطات وعلى مدى فترة زمنية معينة بنسبة مئوية لا تزيد عن 1% من الأرباح المعلنة.
وبهذا نفتح الباب مجددا أمام مشروع خصخصة محطات البترول وغيرها من المشاريع الحيوية الأخرى.
أحمد الصراف