البيت الذكي
حسنا فعل دِ اسماعيل الشطي عندما كتب مقال امس الأول وأزال فيه ورقة التوت المثقوبة التي كان المدافعون عن بيت التمويل يحاولون التستر بهاِ ولا نود هنا ان نتطرق للدوافع او الأسباب التي جعلت واحدا من أشد المنتمين لتيار التحزب الديني حماسة، يقوم بكتابة ما كتبه بالأمس الأول ولكننا نود ان نضيف التالي:
1) عاصرت تجربة بيت التمويل منذ نشأته عندما كنت موظفا صغيرا في أحد المصارف ثم مسؤولا وعضوا في مجلس ادارتهِ ولم اقتنع يوما بأن لتجربته علاقة بالدين من بعيد او قريبِ وكنت اكرر القول دائما، ولا ازال، ان من الخطأ ربط تلك التجربة التجارية البحتة بالدينِ حيث ان فشل التجربة يعني تلقائيا فشل الافكار الدينية التي تمت اقامة التجربة عليهاِ وكاد ان يحدث ذلك اكثر من مرة، ولم يكن تورط بيت التمويل بمحفظة عقارات جاوزت قيمتها عشرين مرة ضعف رأسماله، بالأخيرة.
2) لو تصادف ذهاب شخصين في اليوم نفسه الى بيت التمويل لاقتراض مبلغ محدد مقابل شروط معينة وكانا متساويين في كل شيء عدا ان حاجة الاول لمبلغ القرض، وهو الأفقر حالا ومالا من الآخر، هي لبناء دور سكن اضافي في منزله لإسكان والدته الارملة المريضةِ أما حاجة الآخر فكانت تتلخص في رغبته في شراء سيارة جديدةِ فهل يأخذ بيت التمويل العوامل الانسانية هذه في حسابه ويخفض بالتالي من تكاليف تمويل قرض المقترض الأول ويزيدها على الطرف الثاني مثلا؟ الجواب 'لا' كبيرة بطبيعة الحال، حيث ان النسبة التي تتم اضافتها مقابل المرابحة يتم تحديدها يوميا وحسب اسعار الفائدة السائدة في السوق العالمي وهي التي يقوم البيت بتعميمها على فروعه بين فترة وأخرى.
ولو حدث وارتفعت الفوائد على الدولار الى مستويات قياسية، كما حدث قبل سنوات، فهل سيحتفظ البيت بنسب المرابحة الحالية نفسها مثلا؟!
3) تقوم المصارف التي تسمى بالاسلامية بتعيين لجان شرعية فيها للنظر في كل ما يعترض عملها من أمور مستجدة، فلماذا لا تضطر المؤسسات المصرفية العادية الى مثل هذه اللجان؟ وجواب ذلك ان تلك المصارف تمتلك تقاليد راسخة وتعمل بموجب انظمة دولية متعارف عليهاِ أما ما يسمى بالمصارف الاسلامية فإنها لا تزال تعمل بموجب قاعدة 'التجربة والخطأ' وعليه من غير الإنصاف تسميتها بالاسلامية، فكيف تكون كذلك وعمر الاسلام اكثر من 1400 عام؟ ولماذا لم يسمع بشر بوجودها قبل 50 عاما مثلا في الوقت الذي مضت فيه أكثر من اربعة قرون على وجود المصارف العادية؟
4) قام رئيس مجلس ادارة بيت التمويل السابق بتعيين لجنة شرعية مكونة من رجال دين لمعاونته في تفسير وتبرير ما لا يعرف من الأمور الشرعية التي قد تواجهه أثناء ادارته للبيت، ولكن ما ان انتهت مدة عضويته كرئيس للمجلس حتى تم تعيينه رئيسا للجنة الفتوى في المصرف نفسه؟ فكيف يكون في الحالة الأولى غير عالم ويحتاج الى الاستعانة بلجنة، وفي الثانية يصبح هو العالم الذي يستعان به؟ وهل يعني ذلك ان الرئيس الحالي، الذي لا صلة له بأمور الافتاء كسلفه، سيصبح يوما ما رئيسا للجنة افتاء؟
5) لماذا يصر بيت التمويل على اعتبار نفسه جزءا من النظام المصرفي متى ما كان في ذلك فائدة له، ورفض هذا الوضع متى ما تعارض مع مصالحه؟ فكيف يقبل، بل ويصر باستماتة غريبة، على ان يعامل كمصرف عندما تعرضت اوضاعه للانهيار المالي التام، واصر في حالة اخرى على انه شركة عادية وله الحق بالتالي في عدم تعطيل اعماله يوم السبت اسوة بالمصارف الأخرى؟
6) تمنع 'عادات وتقاليد وقواعد' البيت قبول ودائع ثابتة مربوطة بمبلغ ثابت وتستحق بعد فترة محددة، بل يشترط على عملائه نظام المضاربة والمرابحة وقبول مبدأ الربح والخسارة ورفض الربا!
والسؤال هنا: هل سبق ان كسر بيت التمويل هذا المبدأ الأساسي الذي قام عليه وقبل بالتالي وديعة ذات سعر فائدة محدد ولأجل محدد، ولمبلغ يسيل له اللعاب، من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي؟
لا نود الاستطراد أكثر وربما نعود لهذا الموضوع عند مناقشة قانون المصارف الاسلامية في مجلس الأمة.
أحمد الصراف