هل من مبارز؟

تقوم الدولة، ممثلة بوزارتي التجارة والشؤون وبتعاون مع البلدية، بالموافقة على تأسيس المؤسسات والشركات المختلفة، كيانا ونشاطا، واصدار التراخيص اللازمة لها لمزاولة اعمالها وتشغيل العمالة المطلوبة والدخول في مناقصات الدولة والحصول على العديد من المزايا والاعفاءات.
ويتطلب امر تأسيس المؤسسة او الشركة توافر الامور المهمة التالية: عدد من الشركاء لا يقل عن اثنينِ رأس المال، تحديد النشاط، وجود ادارة متفرغة واخيرا وجود مقر دائم ومعروف للمؤسسة او الشركة.
ورغم اهمية كل تلك العوامل وضرورة توافرها الا ان الجهات المعنية لا تهتم بأي منها سوى وجود مقر دائم او عنوان معروف ومرخص ولا يهم بعد ذلك شيء.
فباستطاعة اي كان اقتراض مبلغ لا يقل عن 7500 دينار لفترة محددة تتراوح بين 24 ساعة الى شهر تقريبا والحصول على شهادة من اي مصرف يفيد بوجود ما يعادل رأس المال لديهِ وبإمكان اي اثنين تأسيس شركة او مؤسسة دون الالتفات لكون أحدهما او كليهما من موظفي الدولة، فالأم او الاخت او الزوجة على استعداد دائم وتام لحل المشكلة.
اما هدف التأسيس فموجود دائما: تجارة ومقاولات عامة، حيث تعتبر الكويت الدولة الاولى عالميا في عدد المؤسسات والشركات العالمية والدولية التي تعمل في مجالي التجارة العامة والمقاولات.
أما موضوع الادارة فيتم حله بموجب المثل الاميركي القائل: all cheifs no indians، ويتبقى بعد ذلك مقر الشركة وهو الموضوع الأهم حيث عن طريقه تتم مراقبة الشركة من ناحية جدية اصحابها ومحاسبتهم على مخالفاتهمِ وتقوم البلدية بترخيص الشركة بناء على توصية من الاطفاء ومن ادارات الرقابة على تراخيص المحلاتِ تقوم بعدها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بمنح الشركة مختلف انواع الاقامات والتي تبدأ بالفراش والمحاسب ثم المراسل ومندوب الشؤون ومدير المكتب وسائق الشركة او المؤسسة والحارس ومندوب مبيعات اول وثان وثالثِِ وعشرات الاقامات الاخرى(!)
وهكذا نرى أن مجرد وجود مكتب تافه صغير لا تتعدى مساحته اربعة امتار مربعة كفيل وكاف لاصدار ترخيص لشركة او مؤسسة باسم امرأة لا تعرف عنها شيئا، وربما لم تخرج من بيتها غير مرة واحدة وذلك عندما خرجت للمرة الأولى الى بيت زوجها وستكون الاخرى والأخيرة عندما تنقل الى دار الآخرة، يتمكن عن طريقها وكيلها والذي قد يكون زوجا او أو ابنا او حفيدا من الاسترزاق من ذلك الترخيص وجني الآلاف منه وخلق مجموعة متشابكة من الديون والارتباطات والاشكالات الانسانية للآخرين من الابرياء دون ان يحتاج لشريك او ان يفكر في مشكلة الادارة او مسألة تدبير رأس المال أو تحديد هدف التأسيس بل كل ما يحتاجه هو مكتب صغير وحقير ومغلق طوال العام في عمارة في الجليب او بنيد القار او حوليِ.
فهل بإمكان أي مسؤول فعل شيء، ولو كان صغيرا، لإصلاح هذا الوضع المؤسف وإيقاف مسلسل الاستغلال السيئ لكل قانون وعرف (؟!).
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top