هل هذا منطق؟
قام احد الكتاب المنتمين للاحزاب الاسلاقبلية بكتابة مقال في الصفحة الاخيرة من الزميلة 'الرأي العام' تطرق فيه للمصائب الكبيرة التي اصابت وتصيب البشرية بسبب البنوك التجارية، وحيث ان المقال احتوى، جهلا أو تعمدا، على كم كبير من عدم المعرفة وسوء الفهم وخلط الامور، فقد بات من الضروري كتابة هذا التوضيح لمنع وقوع البعض في لبس غير محمود.
كتب يقول إن 'احد' العلماء الغربيين (الذي لم يخبرنا الكاتب عن اسمه، ربما لانه غير موجود اصلا) قام بتأليف كتاب عن فوائد البنوك الربوية، وما تجره من مصائب على البشريةِ ولا أدري كيف تكون للبنوك فوائد، وتجر في الوقت نفسه المصائب على البشرية؟، وما هي الكلمة التي وردت في تلك اللغة (الغربية) والتي تمت ترجمتها الى كلمة 'ربوية'؟ وذكر الكاتب، على لسان ذلك العالم 'الغربي'، انه لو قام شخص ما باقتراض مبلغ دولار واحد عام واحد ميلادية لاحتاج الان الى 'كل نقود العالم' لسداد ذلك المبلغ مع فوائده! وهذا كلام فارغ ومضحك في الوقت نفسه، حيث إن هذا المبلغ وفوائده، بنسبة 5% مثلا، سوف يصبح 25 الف دولار فقط بعد 2000 سنة! وليس كل نقود العالم! ومن حق القارىء ان يتخيل ما كان سيجنيه المقترض لذلك الدولار لو قام مثلا باستثماره بطريقة معقولة حيث ان من الممكن ان تكون ممتلكات ورثته الان تتضمن نصف قارة اوروبا اضافة الى ممتلكات عديدة اخرى، وهل كانت كل قارة اميركا مثلا تساوي قبل الفي عام اكثر من نصف دولار؟.
واستطرد كاتبنا 'الفطحل'، الذي يدل الحرف الصغير الذي يسبق اسمه على انه قد نال حظه من التعليم، بالقول إن فوائد البنوك الربوية تؤدي الى زيادة العداوة والبغضاء بين الناس، وهي سبب التضخم الذي يشكو العالم منه، حيث تتكدس الثروات لدى المرابين ولا يحصل الذين يكدون وينتجون على شيء، وحسب معلوماتي العامة المتواضعة، فان غالبية اغنياء العالم لا علاقة لهم من بعيد او قريب بملكيات المصارف ولا يتعاملون بمجالات اقراض الناس بالفائدةِ وربما يكون العكس هو الصحيح حيث ان بداية الكثيرين من هؤلاء في عالم المال والاعمال كانت من خلال اقتراضهم قروضا مصرفيه صغيرة، ومنهم الاخ الحبيب 'بيل غيتس'!!
يستشهد الكاتب في نهاية مقاله بمثل عجيب يحاول ان يدلل فيه على ما للفوائد المصرفية من دور 'خطير' في خلق التضخم في العالم، حيث كتب يقول: انه لو قام كل صاحب مصنع من مصانع قطع غيار السيارات مثلا برفع سعر بضاعته لتغطية الفوائد التي تتقاضاها البنوك فان سعر السيارة النهائي سيصبح مضاعفا عدة مرات عن سعرها من دون الفوائد! ولا ادري من الذي اخبر دكتورنا هذا بان مصانع قطع غيار السيارات لا تقوم فعلا باضافة تكاليف الاقتراض او التمويل على قيمة قطع الغيار التي تنتجها؟ وهل يعتقد ان تلك السيارات او قطع غيارها تصنع في مصانع قندهار الافغانية بحيث 'ىستحرم' ملاك مصانع سياراتها اضافة اية تكلفة فوائد على مصنوعاتهم لمخالفة ذلك الامر للشرع مثلا؟! أليس من المؤسف حقا ان يكون أصحاب مثل هذه العقليات هم من الذين تقع على عواتقهم مهمة تعليم اجيالنا القادمة؟
ان من حقنا ان نرفض او نقبل ما نشاء، بناء على نصوص دينية معينة، تمنع هذا العمل او تبيح ذلك التصرفِِ ولكن من غير اللائق سوق امثلة وقصص ساذجة لتبرير اي من افعالنا او تصرفاتنا.
احمد الصراف