هل الامور 'خرطي'؟
قرأت ما اعربت عنه الدكتورة زهرة اسماعيوفا، مديرة اكبر معسكر للاجئين الشيشان في انغوشيا، عن عميق شكرها وامتنانها للمساعدات التي تلقتها من جمعية الهلال الاحمر الكويتي، وعما تركته تلك المساعدات من أثر عميق في نفوس اللاجئين وفي التخفيف من الظروف الصعبة التي يمر بها شعب تلك الجمهوريةِ تلك المعاناة التي تسببت فيها اطماع زعمائهم العسكريين والسياسيين ورغبتهم الجامحة والعجولة في تكوين دولة مستقلة بعلم ونشيد وطني بدون اي تحضير او استعداد مسبق، وها نحن نرى باعيننا نتائج تلك الحماقات.
وقالت الدكتورة زهرة ان هذه هي المرة الاولى منذ ستة اشهر التي يتلقى فيها هؤلاء اللاجئون البؤساء مساعدات من شعب مسلم بصورة مباشرة (!).
قرأت ذلك التصريح واخذت أتساءل عن مصير كل تلك الملايين من الدنانير التي دأبت اكثر من مائة جمعية 'خيرية' على جمعها من المواطنين والمقيمين بحجة مساعدة شعب الشيشان المسلم، منذ ان دخلت تلك الجمهورية سيئة الحظ في جحيم حرب الاستقلال عام 1996 (!) وذلك في اضخم تظاهرة وحملة تبرعات قامت بها الاحزاب الدينية منذ انهيار، او شبه توقف حملتها لتمويل حروب المخدرات والاسلحة والتهريب في 'دولة' افغانستان (!).
اين ذهبت كل تلك الاموال التي تم جمعها نتيجة توزيع آلاف الصور التي تبين عجائز شيشانيات وأرامل وأطفالا أيتاما تملأ الدموع اعينهم؟ حتى لو افترضنا ان ما تم جمعه كان بالآلاف وليس بالملايين، فأين ذهبت تلك الاموال؟ ولماذا لم يتم ارسالها حتى اليوم الى مستحقيها من اللاجئين، الذين رأينا صورهم في كافة وسائل الاعلام، طوال فصل الشتاء القارس وفي تلك المخيمات البائسة؟
وكيف يمكن ان نفسر تصريح الدكتورة زهرة، وغيرها من مسؤولي المخيمات الشيشان وانغوشيا، والذي نشر في كافة الصحف صباح يوم 14/3/2000، بأنها المرة الاولى التي تتلقى فيها تبرعا ما من جهة أهلية؟
ولماذا لا تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بالتحقيق في هذا الأمر ومساءلة كل تلك الجمعيات التي شاركت في تلك الحملة الضخمة والمنظمة عن مصير تلك الاموال التي جمعتها لمساعدة الأرامل والعجائز والأطفال الأيتام؟ ولماذا لم تصل حتى اليوم الى مستحقيها؟
ان سكوت الاجهزة الرسمية عن هذه المخالفة الواضحة والتلاعب البين، وبعد كل هذه التساؤلات المشروعة والمقلقة التي ذكرناها، سيعني ان الكثير من الامور عندنا 'خرطي'!
احمد الصراف