النهاية المحتومة
في اوج احتدام الصراع السياسي والعسكري بين البيض والسود المناوئين للحكم العنصري في جنوب افريقيا، والذي كاد ان يدخل تلك الدولة في حرب اهلية، ذكر الاسقف 'دزموند توتو' ان من المؤسف ان يفقد كل هذا العدد الكبير من الابرياء حياتهم من اجل قضية يعرف الكل ما ستنتهي اليه في نهاية الامر، الا وهو ايلولة الحكم في النهاية للاغلبية السوداء.
لا ادري، لماذا تذكرت كلام الاسقف توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام، وانا اقرأ ما كتبه دِ سعد العنزي في 'الانباء' (27/11) والذي كشف فيه عن رأيه في المرأة ونظرته لدورها في الحياة، حيث كتب الفقرة التالية في معرض اعتراضه على اعطاء المرأة حقوقها السياسية:
'ِِ دعوا لنا المرأة نسكن اليها من ضوضاء العيش، ونفر اليها من خلافات السذج، ونستريح عندها من جدال الاحزاب، ونتعلم في جوارها الود والسلام والبرِِ'!!.
نشكر للدكتور العنزي عاطفته الجياشة وشعوره الرقيق نحو المرأة، وهنا يقصد بالمرأة الزوجة بالذات، ونود هنا ان نتساءل او نسأل دِ العنزي: اذا كان الرجل يريد المرأة ان تنتظر في البيت لكي يفر لها ويسكن اليها، فلمن تذهب المرأة هربا من ضوضاء المدن؟، ولمن تفر من خلافات السذج؟؟، وعند من تستريح من جدال الاحزاب؟؟، ام ان المرأة كائن لا شعور ولا احساس له، كما يعتقد اكثرية الاخوة والاخوات المنتسبين والمنتسبات للاحزاب الدينية، وبالتالي لا تحتاج للسكن ولا للفرار ولا للراحة، وبأن دورها ينحصر في توفير الامان والاطمئنان للزوج، او للاخ، او الخال، او العم، او زوج الام الذكر، اضافة بطبيعة الحال لمهمة الطبخ والنفخ وتربية الاولاد؟؟.
كما تذكرت ايضا ما صرح به دِ عجيل النشمي بعد التحرير مباشرة ردا على سؤال اذاعي يتعلق بحكم المرأة التي خرجت لمقاومة المحتل وحمل السلاح والدفاع عن وطنها اثناء فترة الاحتلال، حيث صرح، لا فض فوه ولا زاد على غزير علمه حاسدوه، بأن مكان المرأة البيت وتوفير السكن والامان للزوج وتحضير الطعام والراحة له ولابنائه!!!.
لا ادري لماذا تصر هذه المجموعة على اثارة كل هذا الغبار وافتعال كل تلك الزوبعة على امر يعرف القاصي والداني نهايته المحتومة!!، ولماذا نحارب بسيوف من خشب امرا انتهى العالم منه ليتفرع لما هو اكثر اهمية والحاحا منه وهو محاربة قضايا الجهل والتجهيل، التي تعصف بالمجتمع وتؤدي الى زيادة تخلفنا يوما بعد يوم.
ان طبيعة الاشياء تقول ان الامر سينتهي عاجلا ام آجلا الى اعطاء المرأة كامل حقوقها السياسية وغيرها من الحقوق الانسانية التي اغتصبت منها في غفلة من الزمنِِ ولا ادري حقيقة الغرض من كل هذا الاعتراض والصياح والضوضاء، وهم يعرفون قبل غيرهم ان مصير اعتراضاتهم سيكون مصير الاعتراضات نفسها التي كنا نسمعها قبل سنوات عديدة عن حق الفتاة في التعليم وبقية الحقوق الاخرى التي كانوا دائمي الاعتراض عليها كالحق في العمل وفي اختيار الزوج وغير ذلك من الامور البديهية.