صانع المجرمين وعدو المحرومين
يقول المثل الكويتي في معرض تبرير العجز عن معاقبة الفاعل الاصلي بسبب قوة وبطش الاخير او الخوف من رد فعله: ان ابي لا يقدر الا على اميِ او العكس، اي امي لا تقدر الا على ابي!!
فقد شاهدنا وسمعنا ورأينا، وخلال السنوات الاربعين الماضية على الاقل، كيف كان يتم القبض على المتسول، وكيف كان يهان ويطرد من البلادِ ورأينا كذلك وسمعنا وقرأنا عن آلاف حالات القبض على مدمني المخدرات، وكيف اهينوا وسجنوا، ونال المحظوظ منهم شرف الاقامة في المستشفيات النفسيةِ كما رأينا ما حدث لمن اسرف في شرب الخمرة وازعج الآخرين بسكره وعربدته في الشارع العام، كما سمعنا ورأينا ايضا، ولا نزال، عشرات آلاف العاطلين عن العمل الذين دخلوا البلاد إما بعقود عمل وهمية او بوعود بثراء سريع، وكيف اهينوا احيانا وسجنوا احيانا اخرى، وصدرت ضدهم احكام بالتسفير الى بلادهم متى استطاعوا توفير ثمن تذكرة السفرِ واخيرا وليس آخرا سمعنا ورأينا ونسمع ونرى، وسنسمع وسنرى آلاف الاحكام القضائية تصدر ضد المتخلفين عن سداد الشيكات المستحقة عليهم، وبمبالغ تافهة في احيان كثيرة لدائنين معينين.
كل ذلك يحدث دون ان نسمع ولو لمرة واحدة بخبر القبض على ذلك الكفيل والحامي الكويتي الذي جلب الالاف من النساء والرجال والاطفال ورمى بهم في شوارع الكويت ليقوموا بالتسول فيها بعد ان قبض منهم مئات الالاف مقابل 'فيزا التسول' التي قام بتوفيرها لهم.
ولم نسمع وربما سوف لن نسمع باسم ذلك الكويتي 'الشهم' الذي يقف وراء بيع مدمني المخدرات احتياجاتهم منها، ومن حبوب الهلوسة، ومواد الادمان الاخرى، كما لم يتطرق لسمعنا قط خبر القبض على تاجر 'اقامات' واحد بتهمة قبض آلاف الدولارات على كل رأس احضره الى البلاد، بعد ان مناه بالثروة والرخاء.
واخيرا وليس آخرا لم نسمع كلمة واحدة في حق تلك المؤسسة المالية اسطورية النفوذ التي رسخت ودعمت وشجعت مبدأ كتابة الشيكات المؤجلة مقابل بضائع وخدمات آنية، وكيف انها خالفت القانون عندما اجبرت المدين على كتابة شيك 'مؤجل الدفع'!!
والى ان تتوفر الشجاعة الكافية لمعاقبة المجرم الاصلي والمحرض القابع وراء الستار والمستفيد الاول والاخير، فاننا لا يمكن ان نقول ان ما حدث في خيطان امر سوف لن يتكرر مرة اخرى.
احمد الصراف