تردد ولجلجة وسفسطة ونقاش وجدال

انتظرنا 365 يوما عام 93، وانتظرنا ما يماثلها من أيام عام 94، ومر علينا بعدها 1800 يوم آخر من دون ان نفعل شيئا فيما يختص باستثمار حقول النفط الواقعة في شمال الكويت وفي المنطقة المتاخمة للحدود العراقية.
في معرض تبرير رفض هذا المشروع الحيوي، أو تأخير اقراره، قالوا تارة إن في الأمر عودة للاستعمار والسيطرة الاجنبية على ثرواتنا الطبيعية! وقالوا تارة أخرى إن الوكلاء المحليين للشركات النفطية العملاقة سيرجحون عرضا على آخر بسبب نفوذهم!! وقالوا في ثالثة إن الشركات النفطية العملاقة ستكون الرابح الأكبرِ وفي رابعة قالوا إن ما سينتج من آبار الشمال سوف يصعب بيعه ضمن اتفاقيات 'اوبك' وحصة الكويت الصغيرة فيها! وقالوا إن هناك شركة كويتية متخصصة في الاستكشافات البترولية تقوم بعملها في الخارج، فلماذا لا تعمل لدينا؟ وتساءلوا عن التدريب والعمالة وحصة الشركات المستثمرة وغير ذلك كثير!!.
وقال غيرهم أكثر وأكثر و'لتوا وعجنوا' وبقي الأمر على حاله لفترة ست أو سبع سنوات من دون أن نتقدم خطوة واحدة الى الأمامِ فتارة يكون السبب عداوة شخصية وتارة حسدا وكراهية، وتارة أخرى جهلا ومرات كثيرة حرصا شديدا بسبب ما مرت به البلاد من نهب عشوائي تارة ومنظم 'تارات' أخرى!!.
لا أود أن أدخل في متاهات ودواعي ووجهات نظر رافضي المشروع أو مؤيديه فلست خبير بترول، ولا أمثل شركة هنا أو وكالة هناكِ ولكن من بامكانه، من أهل الأرض جميعا، ان يقنعني بأن وجود مصالح بالبلايين لمجموعة من الدول الغربية القوية في صناعة نفطية هائلة، تقع على حدود الكويت الشمالية مع العراق سوف لن يكون في صالحي كفرد وعائلة ومجتمع وقبل كل ذلك كوطن؟! ومن يستطيع ان يقنعني بأنني يجب ان اشعر بالأمان والاطمئنان والاعتقاد بأن شيئا ما سوف لن يأتيني مرة اخرى من الشمال؟ وكيف يمكن ان أفكر ببناء مدينة أو مدن في المنطقة الشمالية شبه المهجورة، أو أن أقنع الآخرين بالسكن فيها، أو أن أحيي مزارع الوفرة وأعيد الحركة والعمل والحياة للمنطقة الشمالية برمتها بعد ان تحول أكثر من ربع الكويت الى منطقة لوضع سبعين خيمة ربيع فيها ولفترة ثلاثة أشهر في السنة فقط، وكيف يمكن ان أحقق كل ذلك من دون أن أوفر للمنطقة ما تفتقده من أمان؟
لا يستطيع أن ينكر الا جاهل مدى أهمية المشروع من الناحية الاستراتيجية، حيث أنه يوفر للكويت منطقة أمنية عازلة، تخفف الى حد كبير من خطر حدوث اعتداء عراقي مستقبلا على الكويت بسبب تعلق مصالح دول كبرى بالأمر.
لا أود أن أبدو هنا ساذجا، فأنا أعلم بأن أحدا ما، ذا نفوذ سياسي أو مالي أو عائلي، سيستفيد في نهاية الأمر بطريقة أو بأخرى، وبشكل ربما يكون مبالغا فيه نتيجة إقرار تنفيذ هذا المشروع!! ولكن هل يعتبر هذا سببا كافيا لكي أبقى مكشوفا ماديا وأمنيا وتقنيا لمجرد أنني كاره لهذا أن يستفيد أو ذاك من أن يثرى؟
وعليه، و'منشان خاطر' الكويت التي تدعون جميعا بأنها عزيزة عليكم، وكدتم من شدة ولهكم عليها وحبكم لها أن تكسروا ضلوعها وتكتموا أنفاسها وأنتم تضمونها الى صدوركم، حبذا لو تقرون، حكومة ومجلسا هذا المشروع لنقول للعالم أجمع بأننا فعلنا شيئا واحدا يستحق الذكر في العقد الأخير من هذا القرن!!.
وكفانا ترددا ولجلجة وتفلسفا وتبريرا وسفسطة من غير فائدة!.
أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top