أي قطعة غيار تريد ان تستبدل؟
سبقنا الزميل الدكتور ناجي سعود الزيد، في مقال له نشر مؤخرا، في التساؤل عن مدى شرعية الاستعانة بقطع غيار مأخوذة من الخنزير وزرعها او استبدالها بقطع او اعضاء تالفة من جسم الانسان! وقد امتنعت جميع الجهات الدينية، وبدون استثناء، والتي كانت عادة ما تتسابق للادلاء بفتاواها في كل موضوع مهما كانت درجة اهميته متدنية، في التصريح برأيها الذي يمثل وجهة نظر الشرع في هذا الموضوع الشائك والمحرج والمربك في الوقت نفسه! وربما تذكر غالبيتهم الموقف المضحك الذي وضع المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي نفسه فيه قبل سنوات عندما افتى بعدم جواز الاستعانة بالاجهزة والمعدات الطبية المعقدة في غرف العناية المركزة والتي يمكن بواسطتها اطالة عمر المريض صناعيا، والتي يمكن ايضا عن طريقها انهاء حياة المريض بمجرد ايقافهاِ وقد ندم الشيخ كثيرا على تلك الفتوى البائسة حيث اضطر بعدها بفترة قصيرة لدخول غرفة العناية المركزة في مستشفى بلندن عندما تعرضت حياته لخطر شديدِ وقد عاش بعدها لسنوات بفضل تلك الغرفة العجيبة.
أقول تذكر شيوخ الفتوى ذلك الموقف وامتنعوا بالتالي عن التبرع بأي رأي قد يكون متفقا مع قناعاتهم التي تؤيد تحريم الاستعانة بأي قطعة من جسم خنزير 'فما كثيره حرام فقليله حرام ايضا' فقد تضطرهم الظروف السيئة، او الحسنة، مستقبلا إلى ضرورة الاستعانة بقطع غيار خنزيرية! وقد فكرت كثيرا في الموضوع وسرحت بخيالي بعيدا، وفكرت في اننا لو اعطينا الفرصة في استبدال قطعة واحدة فقط من اجسامنا فأية قطعة ستكون محط انظار الجميع؟ ربما سيختار البعض منا زرع خلايا عقل جديدة! وقد يختار آخرون الشعر لتغطية رؤوسهم الصلعاءِ وقد يختار البعض أيدي قوية لكي يتمكن بها من ضرب مخالفيه في الرأي، كما يحب ان يفعل جماعة عكرمةِ وقد يختار آخرون الأرجل، إما لكي يصبحوا بها اكثر طولا او لكي تتيح لهم الفرار بعيدا عن كل هذا اللغو الذي نسمعه ونقرأه في وسائل اعلامنا.
ولكن تبين لي، بعد ان قمت باستقصاء بسيط وسريع، وبعد زيارة اكثر من حفل زواج ووليمة اجتماعية ان الغالبية ستختار استبدال 'المعدة'! الطريف في الأمر ان الجماعة المعارضة لمبدأ الاستعانة هي التي ستتنافس في نهاية الأمر في ما بينها على الحصول على توكيل الشركات الأميركية والاوروبية التي ستقوم بإنتاج وتسويق قطع الغيار الخنزيرية، ولكن فقط بعد الحصول على الفتوى او المخرج الديني المناسب!.
احمد الصراف