الشرق شرق والغرب غرب

انتابت احدى القريبات آلام في الظهر اضطرتها في نهاية الامر لترك عملها والبقاء في البيتِ كالعادة عجز الأطباء عندنا عن تشخيص سبب تلك الآلام مما دفعهما في نهاية الامر للبحث عن العلاج في الخارجِ وسافرت بالفعل إلى المانيا حيث خضعت لفحوص مكثفة تبين منها حاجتها لعملية جراحية بسيطة.
اختفت آلامها بصورة واضحة بعد تلك العملية واصبح بامكانها السير والاعتماد على نفسها في الكثير من الامور، ولكن الآلام لم تختف كليا على الرغم من انها استمرت في اتباع كل ما طلب الطبيب منها عمله بعد ان عادت إلى الكويت فانقصت وزنها بصورة كبيرة واصبحت تمارس السباحة بصورة مستمرة.
بعد مرور سنة على تاريخ الجراحة اتصلت بالطبيب هاتفيا لتخبره بانها تشعر بشوق لان تدخل للمرة الثالثة في تجربة الحمل والولادة، وتود ان تأخذ رأيه في تأثير ذلك على صحتها وعن نسبة الزيادة في الألم التي ستصاحب عملية الحمل والولادة !! فوجئت بالطبيب يقول لها ان هذا هو افضل شيء من الممكن ان يفيد حالتها، وربما سيساعد ذلك على اختفاء ما تشكو منه من آلام حاليا بصورة نهائية أو كبيرة على الاقل!!
اصيبت بدهشة من اجابته تلك غير المتوقعة وسألته بصوت يحمل الكثير من الاحتجاج عن السبب الذي جعله لا يذكر لها ذلك عندما كانت في مستشفاه، فقال لها انه كان يعلم بمدى فائدة الحمل والولادة لحالتها، ولكن يشعر كطبيب بان رسالته الانسانية تمنعه من نصيحة اي مريض أو مريضة بالدخول في تجربة الحمل والولادة من اجل القضاء على الم أو آلام لا يشكل وجودها خطرا على الحياة ويمكن السيطرة عليها ببعض الادوية وبممارسة رياضة المشي والسباحة بصورة مستمرة، وان ضميره المهني واخلاقه الانسانية منعاه من تقديم مثل هذه النصيحة، لكي لا تجد مريضته نفسها مجبرة على الدخول في تجربة الحمل فقط للتخلص من آلام الظهر وليس من اجل عملية الخلق السامية نفسها، وهذا باعتقاده امر خطير ولا يستطيع النصح به خاصة ان مسألة الولادة والتربية وتوفير كافة الحقوق للمولود الجديد مسألة ليست بالهينة ومن غير الانصاف ان يقوم بتقديم نصيحة مثل هذه طالما ان درجة ما تشعر به من آلام لا تشكل في نهاية الامر خطرا على صحتها!!
والآن كيف نستطيع ان نقنع من بيده امر ايقاف العلاوة الممنوحة لموظفي الدولة عن كل طفل جديد يولد بمثل منطق وطريقة تفكير ذلك الطبيب الالماني الذي كان اكثر رأفة ورحمة ومعرفة بظروف بلادنا منا؟! ويا أمةِِ.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top