الاستجداء ووقف البلايين
'اشكرك على اعطائي قليلا من القمح، ولكني ساكون مدينا لك دائما لو علمتني كيف ازرع القمح'!!
(مثل صيني حديث)
زادت في المدة الاخيرة وتيرة وقوة الاعلانات التجارية التي تقوم الجمعيات والاحزاب الدينية بنشرها في الصحف او على الطرق العامة، او عن طريق الملصقات او توزيع النشرات مع صحف الصباح، وذلك في سعي هذه الاحزاب الحثيث لاستغلال تعاطف الناس مع ما يجري في كوسوفو، وجمع اكبر قدر من الاموال النقدية من الخيرينِ والادعاء بعد ذلك بان هذه الاموال ستنفق لاطعام وايواء واسكان لاجئي البان 'كوسوفو' في مجمعات سكنية!!.
وقد تذكرت، وانا اطالع نوعية ذلك الورق الغالي والمصقول الذي طبعت عليه تلك النشرات او الاعلانات، ذلك الخبر الذي قرأته قبل فترة عن قيام المغني الاميركي مايكل جاكسون بالتبرع بمبلغ 75 مليون جنيه استرليني لانشاء اربع جامعات في افريقيا تحمل اسمهِ وتساءلت عن سبب خلو انشطة وبرامج الجمعيات 'الخيرية' الدينية عندنا من مثل هذه المشاريع عظيمة الاهمية!! ولماذا تقتصر طموحات 'اصحابها' دائما على عملية حفر بئر او تسوية طريق او بناء مجموعة من دور العبادة الصغيرة التي تحمل اسم المتبرع، او ان تقوم احيانا، ومن اجل ذر الرماد في العيون، ببناء وتصوير مجموعة من البيوت الصغيرة وتطلق عليها صفة 'مشاريع تعليمية او علمية' وهي لا تكون اكثر من مراكز 'دعوية' بنيت لخدمة فكر ديني سياسي محدد!!.
ولا ادري لماذا خلت، ولا تزال، برامج واهداف الجمعيات الدينية وطوال عقود ثلاثة على الاقل من الزمن، وبعد جمع بلايين الدولارات من اي مشروع يمكن ان يشار له بالبنان، هذا اذا استثنينا كتاتيب تعليم القرآن التي سميت بالمدارس.
لا نود بطبيعة الحال السخرية من احد، ولكن نود وبكل صدق ان نتعلم من كل ما هو جيد وحسن لدى الآخرينِ فلا وقت، ولا علم لدينا لكي نبدأ من الصفرِ ولو قمنا بالقاء نظرة سريعة على رؤوس اموال الصناديق 'الخيرية' الاميركية التالية، وهي الاموال التي تبرع بها اصحابها اما من حر مالهم او مما قاموا باستقطاعه من اموال الضرائب المستحقة عليهم، لاكتشفنا الفارق العظيم ليس فقط في حجم تلك الاموال، مقارنة بما يتم جمعه وتضييعه هنا، بل بالاهداف السامية والعظيمة التي تم تسخير ايرادات تلك الوقفيات من اجلها، ودورها المؤثر والعظيم في حياة الافراد والمجتمعات في كل انحاء العالم، وفضلها الكبير على ما نتمتع به الآن من اختراعات واكتشافات تم تمويل الكثير منها من ايرادات هذه الصناديق الوقفية.
كما نورد هذا الجدول لمن لا يزال يعاني من الاوهام، ويصر على العيش في عالم آخر وكأنه 'دون كيشوت فيلكا'، بعد ان قام بازالة اسم الجزيرة، التي طالما انتمى لها واحبها، من اسمه الكريم:
1 ـ ليلي انداونمت (عائلة وشركة) 15.4 بليون دولار (فقط لا غير).
2 ـ وقفية فورد (عائلة وشركة) 10.7 بلايين.
3 ـ وقفية ديفيد ولوسيل باكارد (شخصية) 9.6 بلايين.
4 ـ وقفية روبرت وود جونسون (شخصية) 7.8 بلايين.
5 ـ وقفية دبليو جي كيلوك (شخصية وشركة) 6 بلايين دولار.
6 ـ وقفية بيل غيتس (شخصية) 5.2 بلايين.
7 ـ وقفية بيو شاريتبل (شخصية وشركة) 7.4 بلايين.
8 ـ وقفية جون دي اند كاثرين مكارثر (شخصية) 4.1 بلايين.
9 ـ وقفية روبرت ودروف (شخصية) 3.7 بلايين.
10 ـ اندرو مللون (شخصية) 3.3 بلايين.
ونهمس في اذن جارنا بالقول بان مجموع هذه الوقفيات يتجاوز 50 بليون دولار تدر سنويا ما لا يقل عن خمسة بلايين دولار يصرف جلها على العلوم الانسانية والاكتشافات والفنون بكافة انواعها وتمويل الابحاث والدراسات الجامعية (التي استفاد منها الاف الطلبة العرب والمسلمين) والصرف على المختبرات العلمية وغيرهاِ ولا يخصص اي جزء من تلك المبالغ للصرف على العلاج بالروحانيات، او لكشف اسرار عالم الجن والعفاريت والممسوسين ومن هم تحت الارض ومن هم فوقها!!.
احمد الصراف