كتب العديد من الزملاء عن حالات التعدي على القانون والنظام التي يقوم بها بعض نواب مجلس الامة بارتكابها كتوسطهم لتشغيل وتوظيف الجهلة والعاطلين عن العمل في مختلف الوظائف الحكومية الدنيا، وتدخلهم لفك اسر من تسبب في قتل الاخرين اما بسلاح ناري او تحت عجلات سيارته، او للعفو عمن اعتدى على طبيب او موظف حكومي اثناء تأديته لعمله، او من سعى لاطلاق سراح العشرات من الغوغاء والسفلة بعد قيامهم، وهم في قمة السعادة، بالاعتداء على مخافر الشرطة والمراكز الامنية لاطلاق سراح اقربائهم الموقوفين على ذمة التحقيق في قضايا خطيرة.
وقد طالب عدد من الزملاء الكتاب بوقف عمليات التدخل تلك، كما طالب اخرون التشهير بتلك الفئة من نواب مجلس الامة الذين يقومون بالتوسط والتدخل في مثل هذه الجرائم القذرةوذلك عن طريق نشر اسمائهم في الصحف اليومية ومساءلتهم عن سوء اعمالهم!!
اعترف هنا بانني لو كنت في مثل 'علم وثقافة وادب' هؤلاء النواب، ولو كانت لدي طموحاتهم السياسية او القبلية او غيرها من 'الغرائز المكتسبة' الاخرى، ووجدت نفسي في مثل هذه البحبوحة من التهاون الرسمي والشعبي شبه العام والشامل لكل ما هو مخالف للقانون والنظام، لما ترددت لحظة في القيام بمثل ما قاموا به من تدخل وتوسط من اجل ابناء منطقتي وقبيلتي وعشيرتي وطائفتي واحبابي واخواني واهلي.
لقد اخطأ البعض في توجيه اللوم والتقريع وتوجيه مختلف صنوف الاتهام لأولئك النواب او لمن تعاون معهم من رجال الامن او من المسؤولين، فهؤلاء لا ذنب لهم فهم ابناء هذه التربة واحفاد هذا النوع من التربية، فقد شاهدوا وجربوا وتعلموا، طوال سنوات، بان 'من صادها اولا عشى عياله'، وبان الفوز لمن يقتحم ويكسر، وبان النصر في النهاية سيكون دائما لصاحب الصوت العالي وان الحق دائما سيكون في صالح صاحب النفوذ!!!
فهذا ما تعلموه بحكم التجربة وهذا ما رضعوه يوميا من معايشتهم لمختلف الاحداث وهذا ما شاهدوه بام واب اعينهم في بداية كل صباح ونهاية كل مساءِ فما نحصل عليه ما هو الا خبز من نوعية الطحين الذي عجناه، وهو تحصيل حاصل، والعلاج لا يكون بتوجيه اللوم او التقريع او الاتهام لهذا النائب او لذاك الضابط او لذلك الوزير او المسؤول، فقد سبق وارتكب هذه الافعال والاعمال ولمئات المرات من قبل (ومن بعد) ولم ينههم احد او يلمهم طرف او يعاقبهم مخلوق!! فنظرية 'فرق تسد' لا تزال صالحة وستبقى كذلك ما بقي بشر على هذه الارض!! وعلينا ان نسأل انفسنا عن الطرف الحقيقي الذي يجب توجيه اللوم له فهو كامن فينا ومنا!!!
احمد الصراف