استفتاء السيد الشيباني
كتب السيد محمد الشيباني، وهو احد الكتاب المجاورين لنا في الصفحة، يقول بالحرف الواحد: 'لا ادري لماذا كلما كتبنا عن اليهود دافع البعض عنهم دفاع الأخ المتحسر عليهم'، وقال عنا ايضا: 'تجد في اغلب مقالاته نصرة للغرب واليهود وكل ما ليس عربيا ولا اسلاميا يمجدهم ويتغنى بتاريخهم وانجازاتهم ويمدح رجالاتهم' (!!).
اولا انا لم ادافع قط عن اليهود، ولكنني سوف لن اتردد في ذلك متى ما تطلب تبيان الحقيقة ذلكِ وعليه فما ذكره غير صحيح اطلاقا ومؤسف ان تصدر منه مثل هذه الادعاءاتِ اما اذا كان يعتبر طلبنا منه التأكد مما تتضمنه مقالاته من مغالطات ومعلومات غير صحيحة، سواء ما تعلق منها باليهود او بغيرهم، على انه دفاع عنهم فهو حر في ذلك، كما اننا احرار في رفض هذا التشويه المقصود، والذي يعني سكوتنا عنه عودة لعهد اعلام احمد سعيد وجماعته، فعداؤنا السياسي والعسكري والديني لجماعة او دين او جنس معين لا يعتبر مبررا لتشويه الحقيقة في عصر المعلومات الذي نعيش فيه، كما اننا لا نملك الحق في تزييف التاريخ والوقائع، الا اذا كان السبب وراء ذلك يعود الى الجهل بالشيء، وهنا لا تعليق لنا على الأمر.
اما 'تهمة' الدفاع عن الغرب فانني لا اعتقد ان الولايات المتحدة والدول الاوروبية بحاجة لكي يقوم الكاتب احمد الصراف، الذي يسكن في القطعة التاسعة من منطقة الجابرية، بالدفاع عنها، والامر لا يتعدى ما يجب ان نشعر به من تقدير واحترام لحضارة غربية تسود كرتنا الارضية يعتبر حجر الرحى فيها احترام النفس البشرية وتقديرها، ويقابل ذلك مع الاسف الشديد واقع بائس تعيس نعيش فيه يمتد، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، من ارخبيل الجزر الاندونيسية المسلمة والى شواطئ المغرب العربية تعتبر النفس البشرية في غالبية دوله التي تغطي ربع العالم وتكون سدس عدد سكانه، ارخص من الفجل الابيض!!
دعني ياسيدي اذكرك، وانت الذي تذكرني دائما بكل ما هو ضد الحرية ومحبيها، بالامور التالية:
اولا: عندما قرر الرئيس الاميركي جورج بوش فجر يوم 17 يناير 1991 المباشرة في الهجوم الجوي لقوات الحلفاء على الكويت قال انه لا يستطيع الانتظار اكثر من ذلك بعد ان اصبحت القوات العراقية تتعامل مع الكويت وشعبها على اساس 'الارض المحروقة'!! وهنا نتساءل: ألم يكن بمقدور الرئيس الاميركي وقتها تأخير الهجوم الجوي ما شاء له الامر وترك الجيش العراقي يعبث بالكويت واهلها ويحرق الارض والزرع والضرع؟ فلماذا استعجال الهجوم والتدخل طالما ان اصلاح آثار الحرق والتدمير والتكسير سيكون من المهام التي ستناط بالشركات الاميركية، وما يصلح للشركات الاميركية يصلح بالتالي للولايات المتحدة؟
ثانيا: ما الذي يدعو دولة كالولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية الاخرى الى التدخل في الحرب الاهلية الدائرة في يوغسلافيا؟ هل لان من يتعرض للقتل والذبح يوميا فيها وما يحدث من تدمير لبيوتهم وممتلكاتهم وحرق مزارعهم هم من البروتستانت؟ ام بسبب ما يحتويه اقليم 'كوسوفو' من مخزون بترولي عظيم ويورانيوم اعظم؟ ام لان بريطانيا في امس الحاجة لما تنتجه مصانع كوسوفو من صناعات استراتيجية!! او بسبب اصوات ملايين المسلمين الالبان في انتخابات كاليفورنيا وبافاريا ومانشستر!!
الا يحق لنا ان نتساءل عن السبب الذي يدعو هذه الدولة الغربية او تلك للمخاطرة بارواح ابنائها والمشاركة في قوات المراقبة الدولية والتهديد بقصف القوات الصربية وتعريض ارواح طياريها للموت او الوقوع في اسر القوات الصربية المتوحشة، ان لم يكن الامر نابعا من رفض تلك الديموقراطيات الحرة لمبدأ التصفية العرقية والوحشية الذي يتعرض له مواطنو كوسوفو!! وهم 'المسلمون' الذين لم نتوقف يوما عن المتاجرة بقضيتهم وجمع القروش لها!! والتي يعلم الله الى اين انتهت غالبيتها بعد ان اكتشفنا ان مسلمي كوسوفو في غير حاجة لكي نحفر لهم الآبار.
اما ما يتعلق بدعوة السيد الشيباني الغريبة لادارة 'القبس' لكي تقوم باجراء استفتاء بين القراء لمعرفة اكثر كتاب الجريدة قراء (!!!) فاننا نرحب، وبتردد، بهذا الاقتراح، وابتسامة غير بريئة ترتسم على شفاهنا، علما بانه السيد الشيباني قد قرر في مقالته تلك نتيجة الاستفتاء مقدما، كما هو دأبه وجماعته، حيث اكد ان اسمي سيكون في نهاية القائمة!! ولعلم السيد الشيباني فان توزيع جريدة 'صن' اليومية اللندنية التي تهتم بالفضائح والاشاعات يبلغ خمسة اضعاف توزيع صحيفة رصينة ومحترمة مثل 'الاندبندنت 'فالعبرة بنوعية القراء وليس بعددهم!! والمضحك في الموضوع ان السيد الشيباني انتقدني ووجه لي التهم الشنيعة، وبعدها طلب من ادارة الجريدة اجراء استفتاء بيننا كما توقع ان يأتي اسمه قبل اسمي ومع كل ذلك 'نسي' السيد الشيباني ذكر اسمي في مقالته، واصبح كأنه يتعامل مع شبح او جني يسكن في عاصمة الجن فوق جزيرة فيلكا!!! ويختتم السيد الشيباني مقالته تلك بدعوتي الى الاهتمام بعالمنا حيث يقول 'ِِ نواجه ركاما من المصائب والمشاكل على جميع الاصعدة في دولنا العربية والاسلامية والخليجية وداخل وطننا وهو بحاجة الى آرائنا السديدةِِ' وقد نسف بذلك، دون ان يدري، كل من حاول ان يدافع عنه وما ذكره من امور تتعلق 'باختراعاتنا وابداعاتنا وانجازاتنا'! وربما تكون هذه الدعوة النقطة الوحيدة التي اتفق معه فيها، حيث انني اعتقد ان ما اساهم به شخصيا من جهد متواضع في الكتابة اليومية هو من اجل ازاحة بعض من ذلك الركام وللتخفيف من تلك المشاكل التي نواجهها!! اما نوعية ما ينادي ويطالب به السيد الشيباني في مقالاته فلا تعليق لي عليه طالما انها لا تمسسني بسوء.
احمد الصراف