الاشتراكية الكويتية
تعتبر طريقة الادارة عندنا من الاغرب في العالم، ويحار المرء في معرفة الكيفية التي يتم بها تصريف الامور.
اذا ما وضعنا المسؤوليات العادية التي عادة ما يناط امر القيام بها بالحكومات المحلية او المركزية كالعلاقات الخارجية وحفظ الامن الداخلي والدفاع عن امن البلاد وغير ذلك من الامور الاساسية، فإننا نجد ان ذراع الدولة تطال العديد من الامور الثانوية مع تركيز شديد على مركزية اتخاذ القرار.
فمنح او نزع الجنسية من اختصاص الحكومةِِ ولا احد له حق التدخل في هذا الامرِ والموافقة على انشاء او ازالة دور العبادة لا يخضع لأي معيار غير معيار الحكومة الخاصِ وانشاء او اغلاق الجمعيات المهنية والنفع العام من شأن الحكومة ولا يخضع لاية قواعد وقوانين معينة، فالمزاج الحكومي هو الفاصل في هذا الموضوع.
واذا اختلفت الحكومة مع اية جهة وعلى اي امر من الامور، شرعية او مالية او غير ذلك، فادارة الفتوى والتشريع الحكومية بإدارتها المعينة هي الجهة الوحيدة التي سيناط بها امر الافتاءِِ ولا احد غيرها، وليس هناك ما يمكن عمله لو امتنعت او تقاعست تلك الجهة عن ابداء رأيها او كانت فتواها متعسفة مثلا.
وعندما تحتكر مجموعة محدودة من الناس حق امتلاك الصحف اليومية (والتي يشبه امتلاكها ملكية مدفع طويل المدى) فليس لاحد ان يسأل لماذا يستمر هذا الوضع والى متى؟!
اضافة الى كل ذلك تحتكر الحكومة حق امتلاك وادارة كافة وسائل الاعلام الاخرى وتسيطر على وكالة الانباء الرسمية!
وعندما تحرم المرأة من حق يتعلق بأساسيات تكوينها كانسانة فلا احد يملك حق تغيير هذا الوضع غير الحكومة، فتفسيرها لنصوص الدستور هو الصحيحِِ وحتى اشعار آخرِ وللحكومة دور كبير ونهائي، في الامور البلدية مهما صغر شأنها، كما أنها تسيطر على الوقف والصناعة والاسكان وادارة المساجد والاطفاء والطيران المدني والخطوط الكويتية وتزويد الطائرات بالوقود والمواصلات العامة ومطاحن الدقيق وبيت الزكاة والجامعة الوحيدة وديوان الخدمة المدنية وصناديق التنمية والمناقصات المركزية ومحطات الوقود والتأمينات الاجتماعية والموانئ والثقافة والفنون والاداب ومعهد الابحاث ومؤسسات البيئة والثروات الزراعية والسمكية ومؤسسات الرياضة وشؤون القصر والمعلومات المدنية ومجموعة كبيرة من الشركات والمؤسسات الاخرى متنوعة الانشطة كلجنة الاسرى وهيئة التعويضاتِِ الخ.
وكل هذه جهات تديرها الحكومة بصورة مباشرة (وهذا يخالف ما يشاع)، حيث تهتم الحكومة بكافة امورها مهما صغرت وتعين مديريها وتقيلهم وترفع من تشاء و'تبهدل' من تشاء، رغم كل ما نصت عليه قوانين ومراسيم واوامر تأسيسها وتكوينها من مواد تنص على استقلاليتها وحريتها في الحركة وغالبا بدون بركة.
لا شك ان هذا الامر كفيل بتفسير ما وصلت اليه الامور مؤخرا من تدهور في كافة المجالات، والذي يعود بصورة اساسية الى هذا التشعب الكبير والاتساع الهائل في نطاق المسؤولية والعملِ علما بأن عشرات من الامور التي تم ذكرها من الممكن ان تتخلى عنها الحكومة بسهولة، اما باعطائها ما تستحقه من استقلالية تامة أو بتخصيص انشطتها بأسرع فرصة وبدون اي تأخير، ولكن، آه وألف آه من ولكن، يتطلب هذا الامر تنازل الحكومة وتخليها عن امر عزيز على قلبها، وما هي بفاعلة ذلك في المستقبل المنظور على الاقل!.
احمد الصراف