بعد تردد لم يطل كثيرا قررت قبول دعوة كريمة من صديق عزيز يعيش في لندن منذ ثلث قرن وذلك للقيام بزيارة 'راحة واستجمام' لأعجب مدينة في العالم!!.
قاد رجل عصابات المافيا الاميركية المدعو 'بغزي' سيارته في تلك الصحراء القاحلة والجرداء وتوقف فجأة في وسط سهل صحراوي منبسط وخال من كل اثر للحياة، تحيط به جبال متوسطة الارتفاع من كل صوب، وقرر ان يحقق حلما قديما كان كثيرا ما يراوده ويبني فندقا كبيرا وناديا للقمار في تلك المنطقة النائية.
كانت محاولته تلك مغامرة غير محسوبة النتائج فقد اضطر ان يصرف كل ما يملك من مال لكي يستمر الفندق والنادي في العمل بدون أي ايراد فعلي، واضطر في نهاية الأمر الى الاستدانة من مصادر المافيا الاخرى والتي لم تمهله كثيرا بعد ان فشل في سداد ديونها فقررت التخلص منه بعد ان شعرت بأنه عاجز تماما عن فعل اي شيء لسداد تلك الديون وهكذا تمت تصفية 'بغزي' بطريقة المافيا التقليدية وتم الاستيلاء على مشروعه الفاشل الذي اصبح يعمل بصورة جيدة بعد فترة قصيرة من موت صاحبه الأمر الذي شجع ملاك الفندق الجدد واطراف اخرى من 'المافيا' على بناء نواد وفنادق ومطاعم اخرى في تلك المنطقة لمواجهة الطلب المتزايدِ وسرعان ما تطورت الامور وتحول مشروع ذلك الفندق اليتيم الى مدينة صغيرة تتوفر فيها كافة وسائل التسلية والترفيه غير البريء لكل قاصد وعابر سبيل في المنطقة.
وأخذت تلك المدينة الصغيرة تنمو بصورة تدريجية، ولكن بوتيرة متسارعة، وتجتذب الكثيرين من مناطق ومدن بعيدة عنها لا تتوفر فيها ما تقوم تلك المدينة بتقديمه لضيوفهاِ واصبح مطارها الصغير قبلة ومصدر دخل كبير للكثير من شركات الطيران والتي اصبحت تقوم برحلات جوية مباشرة وبدون توقف لتلك المدينة النائيةِ وهكذا وبعد مرور ستين عاما تقريبا على محاولة المغامر 'بغزي' الفاشلة اصبح فندق 'فلامنكو' نواة لمدينة كبيرة يقارب عدد سكانها دولة الكويتِ واصحبت واحدة من اكثر مدن العالم نموا حيث ينتقل للعيش الدائم بها كل شهر أكثر من أربعة آلاف فرد (بعد 'طرح' من يقوم بمغادرتها للعيش في مناطق أخرى)!!.
بينت آخر احصائية ان عدد فنادق تلك المدينة العجيبة التي لا تنام لمدة أربع وعشرين ساعة في اليوم ولسبعة ايام في الاسبوع قد تجاوز 1500 فندق وبعدد غرف يزيد عن 145 ألف غرفة تقريبا!! ويبلغ عدد غرف فندق واحد فيها والذي سيفتتح قريبا 6200 غرفة!! وهو الأمر الذي اثار حفيظة اكبر فنادقها حاليا (إم جي إم) والذي يبلغ عدد غرفه 5400 غرفة حيث قررت الشركة المالكة اضافة جناح جديد يحتوي على 2000 غرفة اخرى وذلك لكي يستمر الفندق في الاحتفاظ بمركزه كأكبر فندق في العالمِ ولمعرفة مدى ضخامة هذه الارقام فسنقارنها بما يماثلها في مدن أو دول اخرى، حيث نجد أن لبنان مثلا، والذي تعتبر السياحة فيه مصدرا أساسيا للدخل، لا يزيد عدد غرف كافة فنادقه عن 6000 غرفة، أما في كويت 'هلا فبراير' فالعدد يقارب 2500 بما في ذلك الشقق الفندقية المفروشة!!ِِ تلك هي مدينة 'لاس فيغاس' والتي تتراوح القيمة السوقية لفنادقها بين 200 ألف دولار للفندق الواحد والى ثلاثة بلايين دولار!! والتي تبلغ نسبة التشغيل في غالبية مؤسساتها السياحية أكثر من 75% على مدار العام.
احمد الصراف