اليانور روزفلت وحقوق الانسان (1)

من المعروف ان الاعلان العالمي لحقوق الانسان لم يكن اصلا موجها للدول المتخلفة من نوعية دولنا العربية والاسلامية، والتي ستبقى على تخلفها لقرون قادمة، حتى ننادي بنظرية المؤامرة وتكرار القول، ان هدف تلك المواثيق اجبارنا على التخلي عن خصوصيتنا وترك دينناِ بل كان الميثاق موجها عند اقراره للدول الغربية والاوروبية، وكرد فعل طبيعي لما حدث من انتهاك صارخ وبشع لحقوق مئات الملايين من البشر، من قبل العديد من الدول التي شاركت في الحرب كألمانيا واليابان مثلا.
كما كان لما اقترفته دول الاستعمار الغربي من انتهاكات لحقوق الانسان في مستعمراتها، الدور الكبير في ولادة ذلك الميثاق الهامِ وبهذا يبدو واضحا ان ما يعتقده البعض بوجود مؤامرة 'دولية' للقضاء على ايمان مسلمي الكويت من سلف واخوان ما هو الا لغو، ولم يخطر للحظة على بال السيدة اليانور روزفلت، التي كان لها دور كبير في صدور ذلك الميثاق العظيم، وعلى الرغم من ذلك نسيناها، وأطلقنا في الوقت نفسه اسماء بعض من اكثر الحكام والدعاة دكتاتورية وعداوة لحقوق الانسان وتلاعبا بمصيره على شوارعنا وطرقنا الواسعة والكبيرة، فمنتهك حقوق الانسان من أهلنا خير من حافظ حقوق الانسان المنتمي لغيرنا!!
وعليه يمكن القول بكل ثقة ان ذلك الميثاق كان موجها لضمير سياسيي وقادة الفكر والرأي في تلك الدول، التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية، ولرؤساء وشعوب تلك الدول التي خرجت خاسرة من تلك الحرب الضروس، ولم تكن موجهة لحفنة من الشعوب المتخلفة!!.
وعلى الرغم من كل ما يتمتع به الانسان من حرية وكرامة في العديد من دول العالم، إلا ان هذا لم يمنع مواطني تلك الدول من تأسيس منظمات متخصصة للدفاع عن حقوق الانسان فيها، حيث ان ما هو موجود في الدساتير من مواد، وما هو موجود في الدولة من قوانين تتعلق بكفالة حقوق الانسان، لا تكفي لضمان عدم انتهاك حقوق الاقليات من اكثر الدول ديموقراطية وتسامحا، فالامر يتطلب، وفي كافة الاحوال، وجود منظمات محلية ودولية 'غير حكومية' تعمل في مجال حقوق الانسان وتدافع عن حقوقه، فاذا كان هذا الامر مطلوبا وصحيحا في الدول المتقدمة فما هو الحال عندنا اذا؟.
ان الادعاء بان لدينا، وضمن تقاليدنا وتراثنا، العلاج الكامل لكافة ما يتعلق بحقوق الانسان هو ادعاء لا يستند الى اي دليل، ان لم يكن العكس هو الصحيح، وتاريخنا العربي والاسلامي الواسع والعريض، قديمه وحديثه، شاهد على ما تم اقترافه من آثام وجرائم ونهب وبطش وخراب وقتل وتشريد باياد داخلية، ودوافع محلية وأطماع قبلية وصغائر طائفيةِ ويكفي ان يكون العراق وهو من الدول ذات الباع الطويل اسلاميا، وعربيا في كل انواع الانتهاكات لحقوق الانسان على مدى التاريخ الحديث، الدولة الوحيدة في تاريخ البشرية التي قام حكامها بقتل مجموعة من مواطنيها من النساء والاطفال والرجال المدنيين العزل بالغازات السامة، من دون اي سبب عسكري أو مدني، وهذا فعل غير مسبوق ويستحيل حتى'تخيل' حدوثه في اية دولة شبه متحضرة في العالم!.
اننا لا نطالب هنا بتطبيق بنود ميثاق حقوق الانسان بحذافيرها، فهذا حلم بعيد التطبيق تحت الظروف التي نعيش فيها بعد ان سيطرت قوى الظلام والتخلف على الكثير من مقاليد الامور، ولكن ما نطالب به هو تفعيل وتطبيق بنود الدستور الكويتي ولو بصورة شبه حرفية!.
احمد الصراف

الارشيف

Back to Top