مسوح الوقار في سن العشرين
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة بروز العديد من رجال الدين صغار السن، قليلي الخبرة والعلم بالتاليِ وأصبحنا نرى صورهم تملأ العديد من الصحف والمجلات، والدينية منها بالذاتِ وأخذ الكثير منهم يطلق على نفسه لقب 'شيخ' وينثر كلمة 'بن' بين أسمائه في محاولة لكسب المزيد من الاحترام!
من الأمور المعروفة أن الأشخاص الذين حملوا هذا اللقب الجليل، والخطير في الوقت نفسه، من غير أبناء الأسرة كانوا قلة وكانوا معروفين جيدا لأهل البلادِ ولا يعرف معظم شباب هذه الأيام الكثير عن شيوخ الدين السابقين هؤلاء، لكون غالبيتهم قدموا الى هذه الدنيا بعد ان غادرها اولئك! وتكمن خطورة حمل هذه الألقاب الدينية فيما يسببه هذا الأمر من التباس للغريب أو غير المطلع على أمور البلاد ومن إمكان الخلط بين اللقب الديني واللقب السياسيِ كما تكمن الخطورة كذلك في اصرار هؤلاء الشيوخ الشباب على التصدي، بغير علم غالبا، لكافة الأمور الدينية والدنيويةِ فتجد العديد منهم ينتظر تلك الشهادة وتلك الشعيرات القليلة لكي تنبت في ذقنه ليقوم بعدها بلبس لباس الوقار والخشوع، والتحرك والكلام ببطء ليعتقد بعدها ان له الحق، بالتالي، في أن يفتح على الجميع بحر علومه الفقهية فتتوالى فتاواه الشرعية في مواضيع شتى غير عابىء بنتيجة ما يصرح به أو يقوله.
وليس بعيدا عنا ما صدر مؤخرا من طلاب كلية الشريعة الذين لم يتجاوز عمر الكثيرين منهم العشرين عاما من تفسير لأسباب تخلفنا وغضب الله علينا!
لا شك ان محاربة هذه الظاهرة غير المستساغة هي من صلب مهام رجال الدين المخلصين قبل ان يكون الأمر من مهام العامة من الناس! وسكوت هؤلاء على انتشار هذه الظاهرة يحمل الكثير من علامات الاستفهام، حيث أن 'طشار' فتاوى هؤلاء سيصلهم حتما.
وعليه يصبح من المهم تدخل وزارة الأوقاف، وبالثقل المعنوي والسياسي الذي يحمله وزيرها، وذلك بالعمل على وضع نهاية لهذه الظاهرة ومنع 'كل من هب ودب' من استعمال لقب 'شيخ' او السماح بإطلاق هذا اللقب من قبل الغير على من يرغبون، وان تلغى الألقاب هذه كافة ويتم تشكيل لجنة عليا من العقلاء يكون من مهامها وضع شروط من يحق له، ان اراد، استعمال هذا اللقب الجليل!
قد يبدو الأمر صعبا وفيه درجة من الاحراج، ولكن من المؤكد انه سيجد كل الدعم والمؤازرة من رجال الدين الجادين والمخلصين في هذا البلد، وكل ما هو مطلوب هو أخذ زمام المبادرة وعمل شيء ما أما الباقي فسيعمل بصورة تلقائية.
أحمد الصراف