الفرّاش الغالي


 هذه قصة هندية طريفة قمت بترجمتها من الانكليزية، بعد تكويتها، لأنني وجدتها تنطبق على أوضاعنا أكثر من انطباقها على وضع الهند.

تمكن أسدان من الهرب من حديقة الحيوان، اتجه الأول إلى دغل قريب واختبأ فيه، أما الثاني الذي سبق ان ولد في الأسر، أي في حديقة الحيوان نفسها، فقد فضل البقاء في المدينة التي لا يعرف غيرها، وسرعان ما اختفى أثره في زحمتها!

لم يمر وقت طويل حتى أعيد الأسد الأول إلى قفصه، ولكن شهورا ستة مرت قبل أن تتمكن «سلطات» الحديقة من العثور على الثاني، وعندما التم شملهما أخيرا في قفصهما، سأل الأول الثاني عن الكيفية التي تمكن فيها من الاختباء كل هذه الفترة، فقال أسد المدينة إنه تسلل إلى مبنى بلدية الكويت ليلا، واختار ارشيفها الشهير بخرابه وتعدد مداخله وما يحتويه من كم هائل من الملفات التي إن طالب بها أحد، قيل له «ضاع الملف»، بدلا من محاولة البحث عنه. وهنا سأله الأول مستغربا، ولكن كيف استطعت ان تبقى على قيد الحياة في أرشيف لا يحتوي على غير الورق والغبار والعفن، وما الذي كنت تأكله؟ فقال اسد المدينة إن الأرشيف كان يحتوي على عدد كبير من الموظفين العاطلين عن العمل، وقد كان مقبرة البلدية، وكل من لم ينل رضا أي مدير أو رئيس قسم يحول للعمل في قسم الأرشيف. وبالتالي كنت في كل يوم او يومين اتناول أحد هؤلاء الموظفين، وكلما تناولت واحدا قامت الإدارة بتوظيف خمسة بدلا منه. وحيث إنه لا أحد كان يعمل في ذلك القسم، فلم ينتبه أحد لفقد من كنت أفترسهم. وهنا تساءل الأسد الأول: إذن كيف تم القبض عليك وإعادتك إلى الحديقة؟ فتنهد أسد المدينة بحرقة، وقال إنه ارتكب أكبر خطأ في حياته، عندما قام بأكل فرّاش القسم البنغالي الذي كان مسؤولا عن خدمة تقديم الشاي، فقد انتبه الجميع لغيابه بعد دقائق من تناولي له! وبسبب أهمية الوظيفة التي كان يؤديها «صبّاب الشاي» الذي ربما كان الوحيد الذي يعمل عملا منتجا في الدولة، تعهد مدير الإدارة شخصيا بالبحث عنه، وهكذا جند آلاف الموظفين الذين لا يعملون اصلا، المشغولين باللعب في هواتفهم وباشياء أخرى، للتحرك من كراسيهم، والبحث عن الفراش المفقود في كل ممرات وسراديب وطوابق المبنى العتيق، إلى أن وجدوني بعد يومين، بين اكوام الملفات والعظام البشرية، وأعادوني إلى قفصي، ولو لم آكل ذلك الفراش اللعين لبقيت حرا حتى الآن.

الارشيف

Back to Top