320 عضو لإدارة مسرح واحد
من المعروف أن الأمم العظيمة لا تخلق من العدم . ومعروف أيضا أن التقدم الحضاري لا يأتي بسهولة ، بل هناك ثمن ، وثمن كبير ، يجب أن يدفع ويبذل بسخاء قبل أن يتحقق أي نوع من التقدم الحضاري أو الصناعي أو التقني .
يعتبر الاهتمام بالفنون ، بكافة أشكالها وأنواعها ، من العوامل المهمة في تقدم الشعوب ورقي ذوقها وتقدمها الحضاري . ويلاحظ المراقب حالة التخلف التامة التي تشمل كافة الأنشطة الثقافية والأدبية والفنية في البلاد منذ أن بدأت جحافل الظلم والظلام مسيرتها "المباركة في القضاء على كل شكل من أشكال الفن والثقافة والأدب !!!
تولي " كافة " الدول المتحضرة الحركة المسرحية وبقية فنون الأداء الفني عظيم رعايتها . وتأتي الولايات المتحدة على رأس هذه الدول حيث تقوم المؤسسات والأفراد والسلطات المحلية في مختلف الولايات إضافة إلى الحكومة الفدرالية بتقديم كافة أنواع الدعم لمختلف أنواع الفنون المسرحية والموسيقية .
يعتبر مركز " جون كندي لفنون الأداء المسرحي " والذي يقع في العاصمة واشنطن من أكبر المراكز الفنية في تلك المدينة . وتبين الأسماء والأرقام التالية مدى الاهتمام الحكومي والشخصي الذي يولى لمثل هذه المؤسسات ، وما يشكله وجودها من أهمية في دعم الفنون المسرحية حيث يشكل الرؤساء الأمريكيين السابقين " الأحياء " جورج بوش ، جيمي كارتر ، جيرالد فورد ، رونالد ريغان ، والسيدة زوجة الرئيس الراحل جونسون بالإضافة إلى زوجة الرئيس كلينتون مجلس أوصياء المركز . كما يدير المركز 9 من كبار المهتمين بالفن المسرحي والموسيقي بالإضافة إلى 30 عضو آخر يعينهم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية . إضافة إلى كل ذلك يقوم الكونغرس ، وبقانون خاص ، بتعيين 18 عضو آخر من النواب أو من الوزراء المعنيين بالأمور الفنية أعضاء في مجلس إدارة المركز .
وللمركز لجنة تختص بتقديم المشورة لرئيس المركز مكونة من 75 عضوا يتم اختيارهم من مختلف الولايات الأمريكية . كما أن هناك لجنة وطنية تختص بالأمور الفنية مكونة من 48 عضوا ولجنة ثالثة مكونة من 74 عضو آخر يشكلون مجلس أصدقاء المركز .
وللمركز أيضا مجلس إدارة خاص من 60 عضو تقريبا مكون من كبار رجال أو سيدات الأعمال ومد راء الشركات العالمية تنحصر مهمته في جمع التبرعات من المؤسسات والأفراد لتمويل مختلف أنشطة المركز . وقد قام هذا المجلس بجمع أكثر من 25 مليون دولار من أكثر من 26 ألف مؤسسة وفرد في عام 98 فقط .
هذا مثال واحد لمركز واحد في مدينة واحدة في دولة واحدة فقط يبين ما للفنون المسرحية من أهمية في حيات الشعوب المتحضرة والحية !!! ولك أن تتخيل حجم ما ينفق على مثل هذه الفنون في بقية الدول المتقدمة ، في الوقت الذي نبخل فيه ، حكومة ومؤسسات وأفرادا ، في صرف فلس واحد على مشروع واحد في دولة واحدة من دولنا العربية والإسلامية على مثل هذه المشاريع بحجة مخالفتها لعاداتنا وتقاليدنا .
أحمد الصراف
21/8/98