بنغلادش ، تونس والجزائر
تعتبر الطريقة التي يتم فيها التعامل مع القضية الفلسطينية والفلسطينيين من قبل السلطات الإسرائيلية من أكثر الأمور المقلقة لأصحاب الضمائر وقادة الرأي الحر في إسرائيل . كما تشكل طريقة المعاملة تلك مصدر قلق عميق لمناصري إسرائيل وقادة الرأي في الدول الغربية وأمريكا . حيث يعجز الكثير منهم ، إن لم يكن غالبيتهم ، عن فهم السبب الذي يجعل شعب يدعي بأنه سبق وأن تعرض لأبشع أنواع التعذيب والحرق والتعسف ، والذي بلغ في مرحلة من مراحله درجة الفناء الجماعي ، يلجأ إلى كل تلك الوحشية في التعامل مع شعب يجد نفسه في نفس الموقف الذي كانوا فيه تقريبا قبل أكثر من نصف قرن من الزمن !!!
وقعت الكويت ولفترة سبعة أشهر كاملة تحت حكم واحد من أبشع وأغبى أنواع الاحتلال غير المبرر في أسبابه ووحشيته . وتم التخلص من ذلك الاحتلال بطريقة كان فيها للضمير العالمي ومبادئ الحرية دور لا يمكن إنكاره .
بالرغم من هذه الحقيقة ، البديهية والبسيطة ، إلا أننا نجد أن الطريقة التي تتعامل فيها الحكومة ، أو السلطة ، مع قضايا حقوق الإنسان تتسم بالكثير من الاستخفاف وعدم المبالاة . وكأن ما أصابنا بالأمس القريب لم يكن إلا كابوس في ليلة صيف حارة بعد عشاء متأخر ودسم !!!
من الأمور الجيدة ، والمؤلمة في نفس الوقت ، تعدد الجهات المعنية والعاملة في مجال حقوق الإنسان عامة وبسلامة العاملين في وسائل الإعلام المختلفة خاصة . حيث أن سبب تعددها يعود بدرجة أساسية إلى تلك الزيادة الخطيرة والمخيفة التي طرأت ، في العقود القليلة الماضية ، على عدد ونوعية الاعتداءات التي اقترفت بحق الملايين من البشر في الغالبية الساحقة من دول العالم . وتعدد حالات القتل والتعذيب والتصفية للعاملين في مجال الكشف عن هذه الاعتداءات ، سواء من قبل السياسيين أو الصحفيين أو العاملين في مجالات المحافظة على الحقوق الدنيا للإنسان ، المسلم والعربي بالذات !!
ويلاحظ المراقب تعنت الحكومة ، أو السلطة ، ورفضها التام السماح لأي منظمة أو جمعية تعمل في مجال حقوق الإنسان بالعمل في الكويت بشكل قانوني !!! فهناك غياب تام للجهات العالمية المعنية بحقوق الإنسان ، وهناك تغييب لدور المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، والتي تتولى أمانتها شخصية كويتية قديرة . وهناك عدم اعتراف بالجمعية الكويتية لحقوق الإنسان ، وهناك تجاهل تام لما يسمي بلجنة حماية الصحفيين العالمية أو الاتحاد الفدرالي الدولي للصحفيين ، أو لمراسلين بلا حدود . كما تشارك الحكومة الكويتية نظم حكم متعسفة ودكتاتورية كثيرة في العالم رفضها السماح لمنظمة العفو الدولية بالعمل في الكويت أو فتح فرع فيها!!! علما بأن كافة الدول الإسلامية ، والعربية منها بالذات ،باستثناء تونس والجزائر وبنغلادش ، تدعي محبتها وتعلقها بالإخاء وإيمانها المطلق بحقوق الإنسان ، لا تحتاج بالتالي للاعتراف حتى بوجود هذه المنظمات المهمة !!!
إن من مسئولية الحكومة ليس فقط السماح لهذه المنظمات ، أو لبعضها على الأقل ، بالعمل في الكويت ، بل يقع عليها واجب تقديم العون المادي والمعنوي لها لكي تتمكن من الدفاع عن حقوق الإنسان في أي مكان . ويجب أن يتم هذا ليس فقط من منطلق ما ندين به للعالم من دين لدوره في تحريرنا من نير الاحتلال البغيض ، وليس فقط من منطلق مشروعية هذا الأمر ، بل لأن من الصعب القول بأننا سوف لن نحتاج لتلك الدول ولأحرار العالم لأن يقفوا إلى جانبنا مرة أخرى !!!
أحمد الصراف ، كامدن ، مين ، 31،8،98