عزيز لندن
التقيت بعزيز "النجفي" المهاجر العراقي الهارب من "نعيم" بغداد في منتصف الثمانينات في لندن حيث كان يقيم وقتها . بالرغم من توطد المعرفة والصداقة العائلية بيننا الا ان الامور كثيرة بقيت خافية عن بعضنا البعض وخاصة تلك المتعلقة بالجوانب المالية الشخصية , عندما سمع بنيتي والعائلة بيع بيتنا في لندن والعودة الي الكويت , اخذ يستحلفني بكل ما احب واقدس لكي اغير رايي واستمر في العيش في بريطانيا واخذ يعرض علي اكثر من مشروع تجاري اما لادارته او المشاركة فيه بالجهد والمال , وكان ذلك في منتصف عام 1988 وقال ان معرفته بصدام تجعله يجزم بانه سيقوم بغزو الكويت خلال اشهر , وقال انه يلوم الكويت , وغيرها من دول الخليج لوقوفها الي جانب صدام ومساندته او علي الاقل السكوت عن كل ما اقترفته يداه من جرائم بحق شعبه وامته وقال انه ما كان لصدام ان يفعل كل ما فعله بغير ذلك الدعم اللا محدود والمساندة المادية والمعنوية واللوجستية الخرافية التي قدمت له ولما استمر نظامه كل تلك الفترة الطويلة !!!
ولكن ولاسباب خاصة , التي قدمت له ولما استمر نظامه كل تلك الفترة الطويلة !!! ولكن لاسباب خاصة , اصررت علي علي العودة ال الكويت
وتبين لي بعد اقل من سنة وبعد فوات الاوان , انه كان محقا في مخاوفه , فقد قام صدام بغزو الكويت وتشريد وقتل اهلها !!!
تذكرت كلام السيد عزيز في حفلة اقامتها صديقة عزيزة وزوجها الكريم علي شرف الاعلامي عماد الدين اديب , حيث ذكر احد الحضور في تعليق له علي حوارات "الضيف" مع المسؤولين الكويتيين واهالي الاسري , انه يعتقد بان حل المشكلة القائمة بين الكويت وجارتها العراق يكمن في القضاء علي الشعب العراقي برمته !! واجمع "الشاتمون" علي انهم "فوجئوا" بموقف العراق "الغدر" ورئيسه صدام من الكويت بعد كل الذي فعلته وقدمته من دعم ومساعدة للعراق في كافة حروبه ضد مواطنيه وجيرانه !!
وتكرر كلام الدعم والمساعدة وفجائية الغدر من الجميع تقريبا وسطر علي اسوار المدارس ورسم شعرا ونثرا علي الدبابات العراقية المدمرة بعد ان تم نصبها في مختلف الميادين في الكويت , وتم تاكيده في الكثير من الخطب الرسمية والشعبية !!!!
انني لا استثني احدا هنا بمن فيهم كاتب المقال بالطبع فقد وقفنا مع النظام العراقي عندما قامت قوات صدام بالغزو لايران , ليتغذي بها قبل ان تتعشي به . وسكتنا علي كافة انتهاكات حقوق الانسان في العراق .
وغضضنا الطرف عندما قام صدام برش مواطنيه الاكراد بالغازات السامة في "حلبجة" والتي اقلقت كافة ضمائر الشعوب الحية , ولكن لم يرف لبشاعتها جفن , بيننا او يكتب فيها مقال احتجاجي واحد !!!
واصبحنا نفتخر باطلاق اسماء صدام وابنائه علي مواليدنا الجدد ونعلق صوره في غرف نومنا وصالات بيوتنا بعد ان وضعناها في قلوبنا واصبح
ذلك الافاق المجرم ورئيس فرقة الاغتيالات السياسية في حزب البعث والحزبي القذر خريج سجون مصر والعراق والمطلوب في اكثر من دولة عربية , اصبح فجاة امل العروبة والاسلام ومنقذها من اعدائها ومعيد مجدها وكرامتها !!!
وفجاة وفي فجر يوم ذلك الخميس الاسود اصبحنا نلعن جميعا تلك الساعة التي فاجانا "الغدر" فيها , ولكننا لم نفاجا عندما اقترف صدام كل ما قام باقترافه من كوارث وجرائم ضد الانسانية !!!!
وعليه فان جزء كبيرا من مسؤولية ما حدث يقع علي عاتق كل فرد منا شئنا ان ابينا تكلمنا وقتها ام سكتنا !!!
وما حدث من غدر وخسة وخيانة امانة وعض لليد التي ساعدت ونهب للجيب الذي اعطي ما هو الا تحصيل حاصل ونتيجة حتمية لموقفنا المتخاذل وسكوتنا عن كافة تصرفات صدام وجرائمه ونتيجة طبيعية لاعتقادنا بان ذلك الافاق سيكفي بغدر وخداع وظلم وسجن وتشريد وقتل الجميع ولكن سوف نكون "نحن" دائما في مامن من جرائمه وسيادته ووحشيته , لاننا ساعدناه في وقت الضيق ومددنا له يد العون عند الشدة وفتحنا له موانئنا بعد قلوبنا وجيوبنا , ولفرط سذاجتنا لم ندر باننا كنا نساعده في سعيه للبطش بنا لاحقا !!
ان من اهم الدروس التي يجب استخلاصها من ماساة الغزو ان الانسان هو القيمة السامية في هذه الحياة وكل شيء يجب بالتالي ان يسخر لخدمة هذا الامر , وان اثمن ما لدي الانسان كرامته وحريته !!
ولا كطرامة لانسان ذكرا كان او انثي بغير اعتراف واضح وصريح بحقوقه كانسان من دم ولحم ومشاعر واحاسيس وقلب يخفق وضمير يطالب وكلما ازداد اهتمامنا بحقوقنا كبشر ازداد احترامنا للقضايا المتعلقة بحرية وكرامة الاخرين .
وما تطالب به كل القوي المحبة والمؤمنة بمبدا حرية الانسان وكرامته في الكويت من ضرورة الاسراع باقرار الهيئة العامة لحقوق الانسان لم يات من فراغ ومن السخف اعتبار هذا الامر من الامور الكمالية او المكملة لديكور الديموقراطية والتعددية , بل هو مبدا عام لصيق بوجود الفرد وكينونته !!!.