أخلاق أوبريان وجماعتنا
لا شك في أن الأخلاق بلا تدين افضل من التدين بلا أخلاق، والدليل نجده واضحا في الدول الاسكندنافية التي تتبارز سنويا على من يحتل المراكز الأولى في الشفافية، وانعدام الفساد والتقدم العلمي، ومع هذا فإن مواطني هذه الدول هم الأقل ارتيادا للكنائس. لا نود التعميم هنا، فلا شك في أن هناك متدينين صادقين اصحاب ضمائر حية، ولكن هؤلاء ما كانوا سيصبحون غير ذلك أينما وجدوا، ولأي مذهب انتموا!
بعد المفاجأة التي فجرها البابا بنديكت باستقالته التي هزت الكنيسة الكاثوليكية، وسط اشاعات وتسريبات تطال ماضي شاغل المقام البابوي، وما أشيع عن دوره في التغطية على كثير مما اقترفه قساوسة وكرادلة وغيرهم من جرائم جنسية في حق صبية من اتباعهم أو مع رجال دين اصغر سنا منهم، تأتي استقالة أو اقالة الكاردينال أوبريان، (74 عاما)، رئيس الكنيسة الكاثوليكية البريطانية، الذي كان سيشارك في اختيار البابا الجديد ممثلا لها، ليزيد هذا الموضوع الساخن اشتعالا، والذي أساء لفترة طويلة لأكبر مؤسسة دينية على الأرض والأكثر اتباعا! فقد وجه اربعة من رجال الدين الكاثوليك، استقال أحدهم قبلها بسنوات، احتجاجا على تنصيب أوبريان كاردينالا لبريطانيا، تهم تحرش بهم في مناسبات متفرقة، عندما كانوا في غالبيتهم في سن الـ18 من العمر، وأنه مارس الجنس مع اثنين منهم، وكان ذلك في ثمانينات القرن الماضي. وذكر أحدهم أنه احتاج لمعالجة نفسية بعد تلك الحادثة، واختار آخر هجرة السلك الكنسي بعد أن رفعوا من رتبة «أوبريان» وكرموه! وعلى الرغم من كل ما تردد عن الفضائح الجنسية التي طالت كبار رجال الكنيسة الكاثوليكية، فان الكنيسة والكاردينال أوبريان لم يخف يوما شديد معارضته لزواج المثليين. وكما أن لدينا في مجتمعاتنا المتخلفة منافقين يقولون ما لا يفعلون، فالمجتمعات الغربية ليست بمنأى عن مثل هذه الأمور، فقد سبق وأن صرح الكارينال في مناسبات متفرقة، بأن زواج المثليين كنسيا سيهدم نظام الأسرة الذي يعتمد على وجود ام وأب لكل طفل، وان الزواج المثلي سيحرم الطفل من وجود احدهما. كما عارض «نيافته» حتى الزواج المدني المثلي بقوله: إن مثل هذه العلاقات الجنسية تسيء للصحة الجسدية والعقلية للمتورطين في مثل هذه العلاقات(!). وعندما منح الكاردينال أوبريان وساما رفيعا صرح في حفل التكريم بأنه يعتبر العلاقة الجنسية بين مثليين وكأنها عبودية. ويذكر أن صحيفة الأوبزرفر، اللندنية، كانت أول من اشار الى فضائح الكاردينال.
وطبعا لا تخلو دولنا من مثل هذه الفضائح التي قد يكون رجل دين رفيع المستوى طرفا فيها، فقد سبق وأن تورط أحد ممثلي السيستاني في علاقة جنسية، وصورت العلاقة على فيديو انتشر على الانترنت لفترة. كما صورت كاميرات المراقبة داخل أحد المصاعد وزيرا ايرانيا رفيعا وهو يقبل امرأة محجبة، وتكرر الفعل لعدة مرات. وفي عام 2001 قبض على راهب مصري، استغل وضعه الروحي، بتهمة ممارسة الجنس مع عدد كبير من نساء الكنيسة، وطرد في حينه من الكنيسة. ولا ننسى طبعا الفضيحة التي تورط فيها أخيرا نائب كثيف اللحية ينتمي الى حزب ديني مصري، عندما ادعى أن اعتداء وقع عليه وسرقت امواله، وكسر أنفه! ثم تبين لاحقا أنه اجرى عملية تجميل، للتقرب من راقصة شهيرة كان قد وقع في حبها. وكان هناك عضو من حزب النور المصري قبض عليه متلبسا وهو يعاشرة امرأة في سيارة في طريق جانبي. وانتهى المستقبل السياسي للنائبين في حينه.
نعود ونقول إن الأخلاق بلا تدين افضل بكثير من تدين بلا اخلاق، ولا يعني ذلك أن غير المتدينين افضل في أخلاقهم من غيرهم، ولكن المرء يتوقع من المتدين أن يكون ترفعه أكثر ومثاليته أعلى.