طار الطير حط الطير
هكذا، من دون تخطيط ولا ترتيب، كالكثير من قرارات الحكومة، صدرت «أوامر» قبل بضع سنوات لبناء مبنى «تيرمينال» طيران جديد، أطلق عليه اسم «مبنى الشيخ سعد»! وقيل انه سيخصص لركاب الطائرات الخاصة والصغيرة، وهكذا أصبحنا، مثل بقية دول العالم «الكبرى» لدينا اكثر من تيرمينال. ثم قامت بعدها الشركة «الوطنية» للطيران، باستخدام ذلك المبنى في رحلاتها! وقد قلت وقتها لنفسي انها لا يمكن ان تستمر طويلا في استخدام ذلك المطار بكلفة تشغيله العالية، باسعار تذاكرها التنافسية، وهكذا لم يطل الأمر كثيرا ليرفع الجماعة أيديهم وارجلهم مستسلمين للقدر، وليتبخر حلم المبنى الثاني بسرعة بنائه نفسها، وليبقى خاويا وشاهدا على نوعية قراراتنا الخاطئة!
فان كنا بمثل هذا العجز والتخبط في التخطيط لبناء وادارة مبنى ركاب ثان متواضع الحجم والامكانات، فهل هناك عاقل يصدق أن بامكان هذه الادارة الحكومية الضعيفة التي ينخر الفساد في مفاصل الكثير من دوائرها، وبمجلس أمة لا ندري كيف نصفه، ادارة مشاريع قادمة بـ125 مليار دولار؟ هذا ان وجدت المشاريع او الخطة او النية او العزيمة أو القرار أو الرغبة أو الارادة أو أي شيء آخر يتعلق بحقيقة هذا المبلغ، الذي يعرف من صرح أنه لا يستند الى أي ارقام حقيقية فقد سبق ان صرحت وزيرة التخطيط نفسها أن الحكومة أنفقت ما يعادل 25 مليار دولار على المشاريع التنموية منذ اقرار خطة السنوات الخمس قبل أكثر من 3 سنوات، وحيث اننا لم نر شيئا على أرض الواقع على مدى أكثر من 3 سنوات فلن نرى شيئاً فيما تبقى من عمر الخطة، وبذلك تكون الـ7 مليارات قد تبخرت في مرحلة ما!
أما عن مطار الكويت الجديد، الذي يخطط لافتتاحه سنة 2020، وهي سنة سنلحق عليها عمريا، فلن يكون قد أصبح جاهزا طبعا، فهذا كلام آخر لا معنى له! والى ان يبت في مشروع بناء المطار العتيد الجديد، وترسيته من دون قيل وقال واعتراضات واتهامات برشى وعمولات، فستجري مياه فاسدة كثيرة تحت الجسور، وسيمر وقت طويل وستمر علينا احداث جسام، وفي النهاية ربما سيصبح مثل جسر الصبية (جابر) الذي حلمنا أو سمعنا به على مدى 15 عاما قبل أن تتم ترسيته على شركة كورية بكلفة تزيد على ثلاثة اضعاف تقديراته الأولية، ولنسمع بعدها من جهة أخرى أن لجانا برلمانية وربما قضائية تحقق في مدى صحة ترسية الجسر! أما عن جامعة الشدادية، التي ستمر سبع سنوات عجاف قبل ان تطأ مبناها قدم طالب وطالبة، وليتجه كل ذكر لمبناه الذكري، وكل انثى لمبناها الأنثوي، فتلك قصة اخرى وبلوى من البلاوي التي ان انتهت مبانيها فستكون الأغلى من نوعها في تاريخ البشر الحديث!
***
• ملاحظة: اطلقت ايران سراح المفكر احمد القبانجي وسلمته لحكومته، ولا يعرف ما سيواجهه من مصير، ولكن نتمنى ان يعود لمحبيه والمعجبين بأفكاره سالما! وللعلم فقط، سنغيب عن الوطن لفترة قد تطول، ولكن المقالات، كالعادة ستستمر.