كويتي.. وأفتخر! على ماذا؟
تقول رسالة تويتر إن مكعبات الثلج التي تستهلك خلال عطلة نهاية الأسبوع تزيد بكثير عن الثلج الذي يتساقط على مدينة جنيف، ومع هذا لا نود أن نقر بالحقيقة ونكتفي بالافتخار بكوننا كويتيين! سياراتنا يغسلها كادح يأتي لبيوتنا في ساعات الفجر الأولى، أو تقوم خادمة هزيلة البنية بغسلها في الشتاء البارد، لنتبختر بها أمام غير الكويتيين! مصانعنا يديرها جيش من «الأجانب» ابتداء من حراس البوابات وحتى رجال الأمن، مرورا بالمهندسين ومشغلي المكائن وفنيي الصيانة وعمال النقل وسائقي الشاحنات والمحاسبين والمحصلين، ونكتفي ككويتيين بتوقيع معاملات الشؤون وتوظيف آخرين منا من العاطلين عن العمل، لكي نرضي متطلبات دعم العمالة، ثم نطلب منهم البقاء في بيوتهم، لكي يفتخروا بأنهم «نجحوا» في خداع الحكومة وقبض مبالغ الدعم، إضافة لما يدفعه أرباب الأعمال لهم، من دون جهد! وهكذا تعلم الجميع النصب وسرقة المال العام، ومع هذا ليس هناك ما يمنع أن نفتخر. ثم يذهب الفريق الأكثر فخرا لممثليهم في البرلمان ليطالبوهم بالسعي لدى «المعازيب» لإلغاء قروضهم المصرفية، فوضعهم كمقترضين لا يتناسب وكونهم كويتيين فخورين! صحيح أنه «لو كان فينا خير» لما أصبحت التركيبة السكانية بكل هذا الخلل، إلا أن هذا يجب ألا يمنعنا من أن نكون فخورين، وأن يقوم رئيس وزرائنا، للسنة السادسة بافتتاح قرية «كويتي وأفتخر»! نعم أنا كويتي وافتخر بأن بلادي استطاعت أن تحفر اسمها بأحرف من نور في قائمة الدول العشر الأقل ترحيبا «بالأيانب»! ونفتخر لأننا الأكثر رعونة في القيادة من غيرنا، ونفتخر لأن رجال أمننا الأكثر تورطا في «المخالفات»! ونفتخر لأن مخرجات تعليم مدارسنا هي الأدنى عالميا، ونفتخر بكوننا أصحاب أعلى دخل وظيفي، ومع هذا نصبح مطلوبين في نهاية الشهر! ولا أدري لم الذهاب للدوام أصلا ووزير اساسي في الحكومة قال إن أعمال الدولة يمكن أن تنجز من قبل 60 ألفا، وليس 200 الف، كما هو الوضع حاليا، والذي يدعو للفخر حقا؟ ونفتخر بأن عددا كبيرا منا يكون دائما في مقدمة المصلين في الوزارة، وأيضا في مقدمة جيش المغادرين، بعد ... الصلاة! نعم أنا كويتي وافتخر، لأنني سعيت جاهدا لأن تصبح نسبة الكويتيين %28 مقارنة بالغير، وحققت، أنا وابن خالي وابناء عمومتي، المال الوفير من المتاجرة بالبشر وبحقوقهم! نعم أنا كويتي وافتخر، وبالتالي من حقي وحدي الحصول على خدمة العلاج صباحا ومساء لغيري من الجنسيات، وافتخر لأنني كنت «عاقلا» بما يكفي لأن لا اضيع عشر سنوات من عمري «الغالي» في دراسة الطب، بل تركت غيري يدرس ويأتي ليطببني! كويتي وافتخر بعشقي لبيئتي وصحرائي التي أتغنى بها دائما، وعندما أتركها أترك خلفي بقايا من إطاراتي وأوتادي وأجزاء من خيمي وزبالتي وآثامي، ومع هذا انا كويتي وافتخر! أنا كويتي وهذا وطني ومن حقي أن ارمي علب المرطبات من نافذة سيارتي وبقية سندويشاتي، فالشوارع شوارعي والكناسون من غير أهلي، وأنا أفتخر بنجاحي في سرقة دعم أعلاف ماشيتي وبذور مزروعاتي، وبيعها في السوق «الحمراء» علنا! وافتخر لأنني المتسبب الأكبر في حوادث القتل على الطرق، وفي ارتكاب مسلسل هروب المساجين، وفرار المطلوبين لخارج البلاد، من المنافذ الرسمية، وفخور بضخامة عدد المدمنين ومرضانا النفسيين، وسارقي أموال جمعياتنا التعاونية وأخواتها الخيرية! ولكن شكول وشخللي، غير أني كويتي وافتخر؟!