التقمص وسحر القطان
لدي عدد من الأصدقاء، من عرب وهنود وغيرهم، من المؤمنين بصحة فرضية التقمص، أي انتقال الروح من جسد الميت إلى مولود جديد، ولهم في اثبات ذلك قصص وروايات، ومنها ما تكرر حدوثه مع أكثر من واحد منهم، وغالبية تلك القصص تتعلق بعودة أبناء أو أحفاد مغتربين لزيارة موطن أجدادهم، وطلبهم الحفر تحت شجرة هنا أو بيت هناك، ليجدوا مسكوكات وحليا وسيوفا مدفونة، يدعي ذلك الصبي مثلا أنه وضعها في ذلك المكان قبل مئات السنين عندما كانت روحه في جسد شخص آخر! وهذا يعني أن أرواح المنتمين الى منطقة جغرافية أو عقيدة تبقى بينهم ولا تغادرها إلى مناطق وديانات أخرى، فلم يسمع هؤلاء مثلا أن هندوسيا وجد أو اكتشف ان روحه كانت في سابق عهدها تعود لعالم فضاء أميركي أو امرأة من أستراليا! وقد اثرت يوما مع صديق موضوعا يتعلق بسبب انتشار مثل هذه القصص العجيبة بين فئة دون غيرها، وكأنهم الوحيدون الذين تنتقل أرواحهم لغيرهم، أو كأن أطفال أو أحفاد المهاجرين الآخرين المنتمين لديانات أو عقائد أخرى ليسوا ببشر مثلهم؟ ولكن الصديق العربي فضل الصمت! مناسبة هذا الكلام تتعلق بحديث ورد في لقاء على قناة الوطن في يناير الماضي على لسان السيد أحمد القطان، وهو من غلاة الإخوان في الكويت، ولم ينتشر على الانترنت إلا أخيرا وتعلق بالسحر والشعوذة، حيث ذكر أن السحر منتشر في الكويت، وان فيها 500 ساحر وساحرة، وانهم يستخدمون الخرز في السحر، وأن السحر لا ينفك، ولا يشفى المسحور منه إلا بموت الساحر! واستشهد القطان بحادثة وقعت قبل عشر سنوات في مستشفى بجدة، عندما قام عدد كبير من المرضى الميئوس من شفائهم من أسرتهم، وسط دهشة الجميع، وعادوا إلى بيوتهم لا يشكون من شيء! وأن تلك الحادثة العجيبة وقعت بعد كارثة «التسونامي» التي ضربت جنوب شرق آسيا عام 2004، والتي مات من جرائها 230 الف شخص، وكان بينهم سحرة اندونيسيون من الذين سبق أن «سحروا» أولئك المرضى(!) ولا أدري لماذا كان يجب أن يموت 230 ألفا لكي ينفك السحر عن بضعة مئات من المرضى السعوديين؟ ولماذا مرضى مستشفى جدة بالذات؟ ولماذا تطرق الى هذه الحادثة «الخربوطة» الآن، وبعد 10 سنوات من وقوعها؟ نعود إلى بداية المقال، ونتساءل: لماذا يرى بعضهم جنا وابالسة وشياطين ولا نرى، نحن الناس العاديين، شيئا منها؟ ولماذا يقع بعضهم في السحر، ولا يقع أمثالنا فيه؟ ولماذا يرى بعضهم الآخر اشباحا ولا نراها؟ ولماذا يُسحرون ولا نُسْحَر أو نعرف سحرة ومسحورين؟ الا يكفينا ما نحن فيه من تخلف، ليفرض علينا هؤلاء أفكارهم وغير آرائهم؟ وهل نسينا قصة الذي قتل نفسا بريئة بحجة إخراج الجن منها، ليحكم بالسجن، فيتوسط له من لهم مثل لحيته وعقله، ويفكوا قيده، مستخدمين فيتامين «و»، وليصبح بعدها نجما تلفزيونيا وكاتبا ألمعيا؟