أمة التخريب
عندما تقوم أمة بتحطيم رموزها الفكرية وتتلف آثارها وتخرب تاريخها وتشوه معالم تحضرها، فإن هذا إيذان ببدء انحدارها الأبدي. ولا توجد جهة في العالم خربت آثارها واعتدت على تاريخها وقتلت رموزها الفكرية كما فعل العرب والمسلمون بشكل عام، فالعمل الإجرامي الذي قام به متخلفو طالبان بتفجيرهم علنا لتماثيل وادي باميان، وهو المصير نفسه الذي تعرض له اسد بابل في البصرة، إضافة لما تعرض له تمثال المفكر والأديب الكبير طه حسين من تحطيم في مصر، ومحاولة قتل نجيب محفوظ، الأديب العربي الوحيد الفائز بنوبل للآداب، وإزالة الكثير من آثار صدر الإسلام، كل هذا عرض ويعرض تاريخ المنطقة للتشويه والنسيان! ولولا جهود جهات مثل اليونيسكو، وتدخلها المستمر لمصلحة الحفاظ على آثارنا وتاريخنا، لكان التدمير والتخريب و «المحو المتعمد» أعم واشمل بكثير. وما جرى ويجري في سوريا من تدمير لأسواق وأحياء تاريخية وتفجير بيوت وقصور صمدت لمئات السنين أمر يدعو الى القلق، هذا غير أرواح عشرات الآلاف التي فقدت وأضعافهم من الجرحى واضعاف اضعافهم من المشردين الذين فقدوا كل أمل في حياة كريمة، هذا غير التخريب «المتعمد» أو الجاهل لمحتويات متاحف القاهرة وبغداد ولبنان وسرقة أو تحطيم الكثير من آثارها الإنسانية بحجة أنها وثنية أو غير «محترمة»، وتدعو الى الفسق، وهي التي بقيت لأكثر من ألف عام دون أن يسجد لها أحد أو يتجه اليها بدعاء، فكيف أصبحت فجأة أصناماً تنادي بتفجيرها جماعات لا تعرف شيئا لا في العلم ولا في الثقافة ولا في الأدب ولا في التاريخ ولا في أي أمر عصري أو إنساني آخر. وكيف أصبح وضع تراثنا مصدر قلق حتى لأعدائنا بحيث أصبحوا، نتيجة لغلونا وسفهنا أكثر رحمة منا بها وبمخطوطاتنا التاريخية! ولا ننسى أن منطقة الربع الخالي، التي ترقد على خاصرة الجزيرة العربية، كانت نسيا منسيا لآلاف السنين لا نعرف عنها شيئا إلى أن أتى الإنكليزي «أبو تيله عساه يموت الليلة» ليعرفنا عليها. كما غرف المصريون والسودانيون من نهر النيل لآلاف السنين دون أن يفكر أحد منهم بالسؤال عن مصدر مياهه، أو أن يمخر عبابه بقاربه ليعرف من أين ينبع، ويطلق على بحيرته اسم عائشة او فاطمة بدلا من فكتوريا! اشياء وامور كثيرة ترد على البال والخاطر لا يتسع المجال لذكرها على الرغم من أهميتها، وجميعها مؤلم لا بل موجع وليس بيدنا فعل شيء لوقف هذا الانحدار والتدهور الشامل!
***
• ملاحظة: أجرت الـ «بي.بي.سي» مقابلة مع متسلق جبال نيبالي شهير قال فيها إنه رأى الطائرة وركبها، وجلس خلف مقودها، قبل ان ترى عيناه السيارة، لأنه كان يعيش في منطقة جبلية قريبة من جبال الهملايا، لا تصلها إلا البغال والطائرات! وفي توقيت بث المقابلة نفسه تقريبا انتشر خبر وصول السعودية رها محرق إلى قمة جبل افرست، لتكون أول مسلمة تحقق هذا الإنجاز الكبير، ولكن عندما تعود رها الى وطنها فإنها لن يسمح لها بقيادة السيارة!