لجنة الأوقاف
أحترم وزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية، شريدة المعوشرجي، بالرغم من عدم اتفاقي معه في كل شيء تقريبا، وذلك لما يتحلى به من شخصية هادئة ترفع عن الصغائر، ولكنه في الحقيقة ليس بالشخص القوي الذي يمكن الاعتماد عليه في القضاء على ما تعانيه وزارة الأوقاف من خراب وفساد. فقد سبق أن أعلن في بداية السنة عن تشكيل لجنة «محايدة» (كتبنا عنها في حينه) للنظر في ما أثير من سلبيات ومخالفات في الأوقاف، وهذا يعني في المجال الوزاري ربما سرقات واختلاسات. وقال ان اللجنة سيترأسها خبيران من العدل وآخر من المكتب الفني. وأن عمل اللجنة لن يستغرق الكثير بحيث تنتهي من تقريرها خلال شهر. وقال أيضا ان تجميد أو «تدوير» من اثيرت الشبهات حولهم حاليا أمر مستبعد، لعدم ثبوت التهم عليهم، وأنه لا ينوي الاستعجال بالحكم لحين صدور تقرير اللجنة!
صدر التقرير، كما توقعنا، متأخرا جدا، ولكن قلة سمعت به، والأهم أن احدا كالعادة لم يُدَن بشكل واضح، واستغلت نتائجه لإجراء تصفيات حزبية من خلال تدوير هنا وتبديل هناك، مع المحافظة على التوازنات الحزبية، فالأوقاف يتحكم في مصيرها حزبا السلف والإخوان، والغلبة كانت غالبا للحزب الأخير، علما بأن الأمور في الوزارة تترجح مع ميول الوزير وقدرته على المناورة!
وقد زايد وكيل الأوقاف على تصريح وزيره بخصوص تشكيل اللجنة، قائلا انه من منطلق الشفافية واستجلاء الحقيقة تم تشكيل لجنة التحقيق المحايدة، وهذا يعني أن لجان التحقيق عادة ليست محايدة! مؤكدا حرصه والوزير على متابعة ما ستنتهي إليه من توصيات لتحقيق العدالة ومعاقبة المتجاوزين. وها قد مرت اشهر عدة ولم تتم معاقبة أي متجاوز بشكل واضح، ربما لأن سمعة الوزارة الدينية لا تسمح بإدانات «قوية»، وبالتالي اختفى تماما عنصر الشفافية الذي سبق ان بشرنا به الوكيل!
لقد أثرت إشاعات الاختلاس والسرقة على الكثيرين، وتوقع البعض إصلاحا قادما، وخاصة أن بين المتهمين من يشغل مناصب مهمة وحساسة، وبقاء الأمر دون حسم أمر مسيء للجميع، ومؤسف أن يكون الشيء الإيجابي الوحيد الذي حصل في محاربة الفساد في الوزارة خلال السنوات العشر الماضية، هو التخلص من المدير السوداني لمركز الوسطية، وهذا تحقق بشكل أساسي في حينه لمعارضة قوى السلف له، وليس لأن الوزير أو الوكيل قررا طرده، بعد أن تسبب في ضياع الملايين من دون فائدة. ومع هذا لا يزال مركز الوسطية ولجانه وبرامجه «الطايحة الحظ» تستنزف الكثير من المال، من دون مردود على أي طرف غير المشاركين في رئاسة لجانه غير العاملة ولا الفاعلة، فالجميع يعرف أن المركز كان منذ البداية نكتة سمجة، وتصدى لمهمة نشر الوسطية في العالم أجمع وهو لم يفد كثيرا دولة مثل الكويت لا تعرف كيف تنظم نفسها، فكيف بتنظيم حال غيرها. وبقاء وضع المركز كما هو دليل واضح على الفساد في الوزارة، فالجميع ساكت ولا يمانع في الاستفادة من المكافآت العالية التي تصرف لهم، مثلهم مثل أعضاء هيئة أسلمة القوانين. وهذا الأمر هو الذي يحتاج لاهتمام الوزير، فسياسة الصمت التي تتبعها الوزارة ليست دليل وقار بقدر ما هي عجز عن مواجهة الحقيقة!