روزفلت ومرسي
يختار شعب أميركا رئيسا كل 4 سنوات، وله أن يترشح مرة ثانية فقط، الاستثناء الوحيد في تاريخها ربما كان في اختيار فرانكلين روزفلت، أعظم رؤسائها، لولاية ثالثة، بعد أن نجح في إخراجها من الكساد العظيم، وقاد التحالف في معركته ضد المحور في الحرب العالمية الثانية. كما أن مؤسسة الحكم فيها، لم تتردد في الطلب من الرئيس ريتشارد نيكسون التخلي عن الحكم قبل انتهاء ولايته، بالرغم من أنه منتخب شرعيا لأربع سنوات. وكاد الكونغرس فيها أن يخلع الرئيس كلينتون قبل انتهاء ولايته «الشرعية»، وبالتالي فإن التخلص من رئيس، سلميا أو عسكريا، بقوى داخلية أو خارجية، ليس بالأمر المستغرب او غير المسبوق في عالم السياسة، والأمثلة هنا لا تعد ولا تحصى من صدام العراق إلى نوريجا بناما، إلى بينوتشه شيلي وفرانكو في اسبانيا وعسكر الارجنتين واليونان وتركيا، وغيرهم. وبالتالي فإن ما حدث اخيرا في مصر من «انقلاب» على حكم الإخوان المسلمين كان أمرا لا مفر منه، والجيش كان الجهة الوحيدة التي كان بإمكانها إزالة حكمهم ووقف سيطرتهم، غير الشرعية ولا الديموقراطية، على مفاصل الدولة وضعضعة نظامها المدني وتحويله الى ديني يخدم بقاءهم في الحكم إلى الأبد، كما حصل مع نظام المرشد الآخر في إيران، التي يحكمها رئيس ديني بصورة مطلقة وهو المرجع الأعلى ومصدر كل السلطات والموحي لكل القوانين والمانع والمانح الأوحد، وله أن ينهي حياة اي سياسي بكلمة منه، ولا يخضع لمساءلة أي جهة ولا تجوز إزاحته، وبالتالي لا يمكن وصف حكمه بالديموقراطي! وكان مرشد الإخوان المصري يود الاقتداء بالنظام الإيراني، لولا أنه وبطانته كانوا أقل دهاء وحصافة من الخميني، مؤسس النظام الإيراني، الذي ضمن الحكم في إيران لمرشد معمم، وما لم يتحرك الجيش فيها لإنهاء حكمه او تتدخل قوى خارجية، فإنه سيبقى لسلطة الدكتاتورية الدينية على مذهب محدد، إلى الأبد!! المهم أن حظ مصر والمصريين كان أفضل من حظ الإيرانيين، فقد أفقد تعطش إخوان مصر للسلطة صوابهم، ودفعهم للاستعجال في توطيد ركائز حكمهم بقرارات عشوائية وغير شرعية أو شعبية، بدءا من عض يد قائد الجيش الذي سلمهم الحكم، واصطدامهم بالقضاء الذي سبق ان سكت عن إزاحتهم للنائب العام، وعادوا للاستعانة به لحل مجلس الشعب، ولم يطل بهم الوقت طويلا قبل أن يصطدموا بالقضاء نفسه وبعدها بمؤسسة الأزهر، التي من المفتر ض أن تكون معهم، كما عادوا الكنيسة بشراسة أكبر، وضيقوا على الإعلام، ثم كانت النهاية في ما اصدره مرسي التعبان من «قوانين» الإعلان الدستوري، الذي صاغوا مواده على عجالة، وبغباء، لكي يكون مفصلا على مقاسهم، وأخيرا لم يتركوا جهة غيرهم لم يكسبوا عداوتها، هذا غير الذين انشقوا عنهم وفضحوا مخططاتهم التآمرية. كما أطلقوا العنان لكل قليلي الأدب من دعاتهم لتكفير كل من عاداهم أو حاول التخفيف من غلوائهم، وبالتالي لم يكن امام الجيش، في ظل تخبطهم وفشلهم الذريع، وفي ظل غياب أي آلية إزالة أخرى، للتدخل للتخلص من حكمهم الثيولوجي الدكتاتوري الغريب!