حلاوة بالسمّ!
كتب بيتر أورزاك peter orszac مقالاً في «بلومبرغ» ذكر فيه، نقلا عن الرئيس الأميركي روزفلت قوله: إن أفضل جائزة يمكن أن تمنحنا إياها الحياة هي الفرصة في أن نجد عملا نقوم بأدائه بصلابة، ويستحق أمر القيام به! وقد أثبتت التجارب الحديثة أنه كان على حق في قوله، ربما أكثر مما أعتقد. فأفضل جوائز الحياة هي القيام بعمل ما، فهذا يطيل في الأعمار! فوفقا لمفهومنا العام أن التقاعد هو وقت أخذ الراحة من العمل المستمر لكي نعتني بأنفسنا أكثر بعد حياة عملية مستمرة، ولكن ماذا لو تبين لنا أن العمل هو ما سيفيد صحتنا، وليس التخلي عنه بالتقاعد؟ فقد بينت دراسة لــ jennifer montez من جامعة هارفرد، وزميلة لها من جامعة وايومنغ، عن سبب التسارع الأخير في اتساع الهوة في العمر المتوقع للمتعلمين عاليا، والأقل تعليما في الولايات المتحدة، حيث لوحظ مثلا أن المتعلمات من النساء، واللاتي لم ينقطعن عن أداء وظيفة أو مهنة ما، كان متوسط أعمارهن أطول بكثير من الأقل تعليما، واللاتي حصلن على وظائف لفترة اقل، أو فضلن التقاعد المبكر والبقاء في البيت! كما تبين من الدراسة أن السبب لم يكن له علاقة بقلة عافية أو تدهور صحة الأقل تعليما، بل كان العامل المرجح في الغالب هو استمرار المتعلمة أكثر في العمل لفترة أطول. كما بينت دراسة أخرى في معهد الشؤون الاقتصادية في بريطانيا المساوئ الصحية للتقاعد المبكر، ودور التقاعد في الإصابة بالكآبة، وأن التأثير السلبي كان يتزايد مع تمضية فترة أطول في التقاعد. كما بينت دراسة نشرت عام 2008 في national bureau of economic أن التقاعد يزيد من صعوبات الحركة والأنشطة اليومية بنسبة %5 - %16 كما أن للتوقف عن العمل وتقليل التواصل الاجتماعي تأثيرات سلبية في القدرات العقلية. وعلى الرغم من وجود دراسات معاكسة تقول بفوائد التقاعد، إلا أن هناك شبه إجماع على أن توقف المخ عن أداء الوظائف الصعبة المصاحبة عادة لعمل جاد له تأثير سلبي، وبالتالي فالاعتقاد السائد والخاطئ، أن فوزنا بـ«يانصيب» كبير مثلا سيتيح الفرصة لنا لقضاء ما تبقى من حياتنا على شاطئ بحر جميل في جزيرة أجمل، وأن هذا سيطيل من أعمارنا، بدلا من اللهث وراء عمل مضنٍ. وبالتالي فما يدعيه البعض من أن عمله سيقضي عليه قد يكون العكس أكثر صحة، بالتالي فإن ما سعى إليه بعض متخلفي مجالس الأمة، وباستماتة واضحة، في حث النساء العاملات إلى العودة لبيوتهن، من خلال إقرار نظام تقاعد مبكر، سيقضي عليهن في نهاية الأمر، ولن يطيل أعمارهن! كما أن هدف هؤلاء المشرعين واضح، فبقاء المرأة في بيتها «أستر» لها، ولو كان في ذلك تأثيرات سلبية عدة عليها! فيا نساء العالمين العربي والإسلامي، والكويت بالذات، يكفينا وإياكن تخلفا باختيار البقاء في البيت من دون عمل، بل عليكن واجب أداء اي وظيفة أو عمل تجاري، ولو كان بسيطاً، وإشغال أذهانكن بالتفكير في الحلول العملية أو التجارية للمصاعب التي تواجهكن يوميا، وعدم الالتفات الى دعوات التقاعد المبكر، فحلاوة مكافآت البقاء في البيت تحتوي على سمّ فتّاك، وبالتالي عليكن اختيار المرشح أو المرشحة التي أو الذي يسعى لرفع مستوياتكم، وليست التي أو الذي يسعى لإبقائكن في البيت.. من دون عمل!