مهمة سالم عبدالعزيز (1 - 2)

على الرغم من كل ما اشعر به من إحباط بقدرة هذه الحكومة على فعل شيء لانتشال الوطن من عثراته التي لا مبرر لها، فالكويت ليست مصر ولا اليمن، ولا حتى السعودية، فهي تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي لديها كل هذا الكم من المشاكل السخيفة والمعوقات الأكثر سخافة، في الوقت الذي تمتلك فيه إمكانات وقدرات بشرية ومالية كافية لإنهائها، وتقليل الفساد لحده الأدنى خلال فترة وجيزة، فالأمر لا يتطلب غير التصرف برشد وتطبيق القانون على الجميع، ووضع خطط التنمية والإصلاح موضع التنفيذ!

أقول على الرغم من تشاؤمي الحاد، والمبرر، فان هناك ربما بصيص أمل، وهذا ما سنتطرق له تاليا.

صعقت خلال الأسبوع الماضي مرتين؛ الأولى عندما مددت يدي بالعيدية لسيدة اعرفها فشكرتني وقالت انها لا تريد مساعدتي، لأن الحكومة تصرف لها شهريا 600 دينار فقط لكونها «ربة بيت»! والصدمة الثانية كانت عندما علمت بأن كل موظف يحمل شهادة جامعية ويعمل في القطاع الخاص تدفع له الدولة مبلغا يزيد على 700 دينار، كمساعدة! وقد يفسر البعض دفع هذه المبالغ كنوع من توزيع الثروة وتحقيق دولة الرفاه، ولكن الحقيقة أننا نقوم بقتل المواطن ببطء بمثل هذه العطايا والهبات التي من المفترض أن توجه لمجالات الرفاه الحقيقية التي تدفع بالارتفاع بنوعية ومستوى معيشة المواطن من تعليم وطبابة وثقافة وترفيه، وليس بما في يديه من نقد! فما الذي يفيد هذه السيدة دفع 600 دينار لها، إن كان الأمن مفقودا، الطب متراجعا، والتعليم منهارا، هذا فوق أن دفع هذه المبالغ غير العادية للمواطن ستدفعه لأن يتخلف أكثر، علما بأن التأثير المؤقت لدعم العمالة الكبير سرعان ما تبخر في اليوم الذي سكتت فيه الحكومة على التصرف الأخرق الذي أقدم عليه وزير نفط محسوب على الإخوان المسلمين، والذي قام بموجبه بمضاعفة رواتب موظفي النفط من دون مبرر، مما دفع بقية الوزراء للاقتداء به، فحدثت هجرة مضادة من القطاع الخاص الىالقطاع العام، الذي أصبحت رواتبه أعلى من الخاص، وربما الأعلى في العالم؟ بالتالي لم يفاجأ الكثيرون بالتحذيرات من أن ميزانية الدولة ستواجه عجزاً في السنة المالية الحالية، مرشحا للارتفاع! فلو دققنا في بعض ارقام موازنة الدولة لوجدنا أننا وطن متخم بالنقد، ضعيف في التدبير، وشديد التخلف. فإيراداتنا تبلغ 18مليار دينار، يساهم مورد النفط بـ %93 منها، ومع هذا نصرف على بندي الرواتب والدعم %85 من إجمالي الميزانية، ولا أحد في السلطة (المجلس والحكومة) يود إشغال نفسه بمثل هذه النسب الخطرة، في ظل إنفاق استثماري يقارب الصفر. علما بأنه تم تقدير إيرادات الدولة على أساس ان الكويت ستنتج «حتما» 2.7 مليون برميل يوميا، وستقوم حتما ببيع البرميل بــ70 دولارا! وهذا يشبه وضع سائق التاكسي الذي يبلغ دخله اليومي 20 دينارا، ويتصرف على أساس أن مكسبه الشهري 600 دينار، من دون التحسب حتى لاحتمال إصابته بإسهال يمنعه من العمل، هذا غير تعطل سيارته!

وحيث ان من الصعوبة تخفيض الرواتب، فإن الأمر يتطلب التفكير في حلول عملية تكون المدخل لبرنامج إصلاح شامل يطال الكبير والغني والمتنفذ قبل صاحب الدخل المحدود، وحتى المتوسط!

وهذا موضوع مقالنا ليوم غد.

الارشيف

Back to Top