الشايجي وشباب مصر والكويت
كتب الزميل المبدع صالح الشايجي مقالا قال فيه: كم أحزنني وأخافني في الوقت ذاته ذلك الفتى، الذي بالكاد لامست سنو عمره العشرين، وهو يتحدث للتلفزيونات من ميدان رابعة العدوية في القاهرة المصرية، حيث كانت تعتصم جماعة «الإخوان»، وهو يقول: جئت هنا بكامل زينتي، حتى إذا ما رزقني الله الشهادة، فإني أقابل الحور العين متزينا متهيئا لهن! نعم هكذا تحدّث ذاك الفتى وكان، وكما بدا وهو يتحدّث، في كامل الثقة واليقين. شاب غض العود طريّ السنين انكفأ عن الدنيا وولاّها ظهره وأدبر عنها، يهفو إلى «الشهادة» التي ستحقق بغيته وتأخذه سريعا إلى «الحور العين»، وهو نموذج وعيّنة مجانية من ملايين الشبّان في أمة الإسلام الذين يفكرون تفكيره، ويهدفون إلى ما يهدف إليه في الموت في سبيل الحور العين اللائي سيلقاهن بمجرد خروج روحه من محبسها الدنيوي! ويتساءل الزميل: من المسؤول عن تربية هذا الشاب على هذا الفهم وصرفه عن الحياة التي جاء لعمارتها، فإذا به يراها دارا كريهة، مفضلا عليها الموت وجائزته حور عين؟ وكيف يتصور هذا الفتى، الذي رغب في الموت من أجل أمر دنيوي، وهو إعادة رئيس إلى قصر الحكم، أن هذا الأمر من دواعي دخول الجنة، وأن الموت دون الرئيس هو عمل استشهادي يُدخل صاحبه الجنة لتتهافت عليه حورها ومن أجل ذلك تزيّن وتجمّل؟ واستطرد قائلا: لم يدر ذلك في خلد الفتى، ولكن الموت في سبيل «مرسي» يفضي إلى الجنة للظفر بحورها هو ما شغل باله! وبك أيها الفتى أنعى أمة المسلمين!
تزامن نشر مقال الزميل مع تصريح السيد عبد الله العتيقي، أمين عام «جمعية الإصلاح الاجتماعي»، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان الدولي، بمناسبة استقبال الجمعية لمهنئيها بالعيد، حيث قال إنه يهنئ الجميع بالمناسبة السعيدة، وأن الجمعية تهدف لوحدة الشعب الكويتي وتماسكه، وتعمل على التواصل بين أبنائه، واحتواء الشباب (!) وتعليمهم عادات المجتمع الكويتي وتقاليده الأصيلة وثقافة الإسلام الوسطي المعتدل! ومن تصريحه يبين انه مهتم جدا بـ«احتواء» الشباب، والاحتواء تعني السيطرة، وبالتالي غسل أدمغتهم!
وفي هذا السياق كتبت لنا السيدة فارعة السقاف، رئيسة «لوياك»، قائلة: إن موضوع الاهتمام بالشباب هو همنا الأكبر في «لوياك» منذ سنوات طويلة، عندما بدأنا نشعر باخطبوط التيار الأصولي، وهو يزداد قوة بل ويتباهى بحضوره المستفز من خلال اقصائه للآخر وتكفير كل من اختلف عنهم، وبدا بنشر ثقافة الموت بين الشباب، وما «لوياك» إلا ترجمة لإحساسنا بخطورة هذه الثقافة وضرورة مواجهتها برؤية تعزز ثقافة المحبة والسلام والفرح والاحتفاء بالآخر وان اختلف عنا. ورغم إنجازات «لوياك» ما زلت اعتقد أننا نحتاج الى إيمان أكبر من المعتدلين والليبراليين في الوطن العربي بضرورة دعم هذه الثقافة ونشرها ضمن مؤسسة قادرة على التحرك بشكل سريع وعملي ومنهجية مدروسة تضاهي منهجية التيارات الأصولية كلها رغم الفارق بيننا، فسلاحهم إخافة الشباب من الله وعقابه، وأداتنا حب الله من خلال العمل والتطوع والإبداع والمحبة، بكل ما يمنحه الحب من حرية وإطلاق للقدرات بداخلهم. نعم نحن نستقطب الشباب ونؤسس لثقافة الحب والفرح التي تعتبر تحررا من بعض موروثاتنا الثقافية والاجتماعية التي تكرس الشعور بالذنب وتجرم الفرح. إن رؤية «لوياك» تتضمن نشر هذه الثقافة البديلة في كل الدول المحيطة بنا لايماننا بأننا لا نعيش بمعزل عن محيطنا، فما يحدث في أي دولة حولنا يؤثر وبشكل سريع ومباشر فينا، ونحن بمقدورنا نشر هذا النموذج لو توافر لنا الدعم الكافي. والآن هل من مجيب لدعوات «لوياك»؟