الإخوان والكوكلوكس كلان
عندما ننظر لشعار الإخوان المسلمين، بسيفيه المشهرين وكلمة «وأعدوا» المأخوذة من آية قرآنية تدعو لمحاربة «أعداء الله» بكل وسيلة، ومنها السيف، نعلم تماما أن كل ما يدعيه هؤلاء من سلمية حركتهم أمر مشكوك فيه، ويتناقض وصلب عقيدتهم. ومن هذا المنطلق من الخطر إشراكهم مباشرة، أو حتى إشراك من يميل لأفكارهم، في مهمة صياغة دستور مصر الجديد. وما ينطبق على الإخوان ينطبق على غيرهم من الغربان، الذين قد يكونون أقل تنظيما وعددا، ولكنهم حتما أكثر تخلفا! يقول الزميل المصري كمال غبريال بما معناه أننا إن أردنا دستوراً ينقلنا من التخلف إلى حضارة العصر، فربما علينا أن نوكل كتابته لأمة أخرى تعيش الحاضر وقيمه، فصياغة دستور بواسطة القوى والتيارات السياسية الحالية، وفي غياب رؤى مستقبلية واضحة وحداثية بحق، يجعل الصياغة تحصيلا حاصلا، ولن ينتج إلا دستور عاجز عن نقل مصر حضارياً، وإلى واقع عالمي عجزت طوال عقود وربما قرون عن الانتماء له، بل وناصبته العداء، باعتبار الحضارة المعاصرة تهدد بسلب هويتنا، ولا تتناسب مع خصوصيتنا، تلك التي نراها فريدة، مما يستدعي الحرص عليها، بأكثر من حرصنا على حاضرنا وعلى مستقبل أولادنا وأحفادنا. ويقول ان من الضروري تنحية أي تأثير لرجال الدين، بكل تياراتهم، على عملية صياغة الدستور لكي لا يجهض أهم ما تحقق في 30 يونيو، وهو السعي نحو تأسيس دولة علمانية، فما قد يعجز هؤلاء المتعصبون عن تحقيقه بخناجرهم ومتفجراتهم، يمكن أن يحققوه بتواجدهم ضمن لجنة الصياغة، حتى لو كان فردا واحدا. فبدون «الفرز» و«التطهير» يتحول الوطن لساحة من النفايات تسعى فيها العقارب والثعابين. ألم تطارد إيطاليا المافيا، وتطارد أميركا كوكلوكس كلان، كما يطارد العالم كله الآن تنظيم «القاعدة»، فلماذا يحرم على الشعب المصري وحده تطهير صفوفه بدعاوى ظاهرها الرحمة وباطنها سموم قاتلة؟ ويقول الزميل ان العالم الغربي أضر بقضية الحداثة في مصر أبلغ الضرر، فرغم أياديه البيضاء على الإنسانية بعامة، وعلى الدول المتخلفة كمصر، فإن شيوع أيديولوجية العروبة والإسلام السياسي، بما جلبا من نظرية المؤامرة، شاع تصور شيطنة الغرب، وكان أمل المستنيرين في المنطقة مجيء فجر الحقيقة، لتتجه بالشعوب نحو قبلة الحضارة الغربية الإنسانية، مخلفة وراءها مستنقعات التخلف، أما وقد اختارت إدارات العالم الغربي تقمص دور الشيطان في مواجهة الشعب المصري، فلا حيلة لنا نحن دعاة الحداثة إلا أن نرفع راية الاستسلام، مؤقتاً على الأقل، وأن نحارب الإرهاب وحدنا متحدين إرادة السادة القابعين في سائر العواصم الغربية. وبمشاركة فصائل الإسلام السياسي في العملية السياسية، نتجه للوضع السابق نفسه، وهو وضع «اللاحسم»، لتبقى مصر تتأرجح مكانها دونما قدرة على التقدم للأمام، أو التقهقر لغياهب عصور التخلف. ومشاركة المتخلفين مرفوضة حتى لو تعهدوا بالتزام الديموقراطية والمواطنة، فهذا قول غير معقول، وهم لن يتخلوا عن أفكارهم الجهادية ابدا! ومن يقل غير ذلك فهو يخدع نفسه قبل أن يحاول خداع أو تضليل غيره. فالخلاف يتعلق بوظيفة الدولة، فالقوى المدنية ترى أنه عليها تنظيم العلاقات بين المواطنين، أما الدولة الدينية فترى أن الدولة عليها الاهتمام بكل شيء من آداب دخول المرحاض إلى اشتراطات دخول الجنة! تلك هي المشكلة وليس مجرد الخلاف حول الديموقراطية وتبادل السلطة وما شابه.