كيف السبيل إلى رضاك

انتشرت قبل الهجوم الأميركي على نظام صدام نكتة عن جامع قمامة كان الناس يرونه، وهو يسير في الشارع، شابكا يديه خلف ظهره، وهو يتمتم: شي يلمهن، شي يلمهن! وتعني: كيف يمكن جمعها! وعندما سئل عما يقصد، قال إذا سقط صدام فمن الذين سيجمعون صوره؟ تذكرت تلك النكتة وانا اتخيل حجم اللوحات والملصقات المنددة بأميركا، الشيطان الأكبر، والمطالبة بهلاكها، التي تنتشر في طهران والمدن والقرى الإيرانية، والتي ستصبح قريبا، وبعد التقارب مع أميركا، غير ذات معنى، وستزال، ليس فقط لعدم مناسبتها للمرحلة المقبلة، ولكن أيضا لسخف منطقها، فعندما تصيح الجماهير، للمرة التريليون: «مرك ب أمركيا»، ولا نجد لتلك الأدعية من صدى، بل نرى أن «المرك»، أو الموت، قد لحق بأفراد الشعب الإيراني الذي يموت في وطنه ببطء، ويموت مهاجرا ويموت هاربا من جنة الملالي، فما الداعي لكل ذلك الغلو في الكراهية التي لم تجلب إلا الخراب للغالبية الفقيرة، من دون ان يكون للدعوات التي يتم ترديدها في كل خطبة وصلاة ودعاء أي استجابة؟ المربك هنا ليس موقف الدولة الإيرانية التي تعرف مصالحها جيدا، والتي لا تقل وصولية عن حكومات غيرها، بل موقف الجهات المتعاطفة مع إيران، التي انكشف ظهرها، فلا هي قادرة على الاستمرار في «كراهيتها» لأميركا، ولا هي قادرة على مخالفتها ولية نعمتها، فبقدر ما سيكون للعلاقات الجديدة بين البلدين من إيجابيات عليهما ستكون لها، وبالقدر نفسه، مضار على حلفاء إيران فقط، فأميركا لن تضحي بإسرائيل لا من أجل عيون إيران ولا غيرها.

والآن، ما هو تعليق من وقفوا مع إيران، أو بشكل أكثر دقة، مع النظام الديني فيها، على مدى 34 عاما؟ وهل سيقومون بتبديل مواقفهم تبعا لذلك؟ وماذا عن الذين «دوشونا» بآرائهم القائلة بصحة وصواب كل ما كان يصدر عن القيادة الإيراينة؟ هل سيتبدلون معها أم سيبقون على سابق مواقفهم؟ ألا تكفي هذه التجربة لكي تثبت للعاقل والجاهل أن الولاء لأي نظام، خلاف نظام الوطن، أمر لا جدوى منه في النهاية؟ وكيف يمكن تبرير وقوف جهة مع نظام جائر وغير عادل بحق شعبه، على حساب نظام الوطن، فقط لأن ايديولوجية دينية أو سياسية تتطلب ذلك؟

ملاحظة: قد ينقض المرشد الأعلى، علي خامنئي، كل ما بناه الرئيس الإيراني الجديد، روحاني، وينقلب عليه، فخيوط الحكم لا تزال جميعها بيده.

الارشيف

Back to Top