العربي والنفسي
يقول زميل إن العرب يمقتون مراجعة أطباء النفس، ويشعرون بالإهانة لو طلب منهم مراجعة هؤلاء! كما يشكون في عقل من يراجعهم، ويعتبرونه مصابا بجنون ما، يحدث ذلك على الرغم من الحقيقة، التي تقول ان مريض العقل عادة لا يرى نفسه، أو جنونه، ولا الناس يرونه، الا اذا تطور مرضه الى سلوك عنيف!
وقال الزميل انه لاحظ أن الغرب عموما، والدول الإسكندنافية خصوصا، منسجمون مع أنفسهم، وأن نفسيتهم كشوارعهم، مستقيمة سهلة، تكاد تنعدم فيها المطبات والمنعطفات الوعرة، كحياتهم الخالية من العقد، وهذا عائد حقيقة إلى أنهم لا يترددون في مراجعة الطبيب النفسي، بعكس معظم العرب الذين أخفوا امراضهم العقلية وكأنها فيروسات ضارة، وبالتالي أخفوا جنونهم، الذي يتسبب يوميا في قتل بعضهم البعض بكل وحشية، والدخول في معارك كلام وشتائم، وحتى تشابك بالأيدي واستخدام الأحذية لأتفه الأسباب. وليس بعيدا عنا ما تكرر وقوعه في مجمعات الكويت من شجار بين مجاميع شباب النظر، مجرد النظر شذرا للآخر، وهي نظرات ذهب ضحيتها أكثر من بريء! ولا ننسى طبعا قصة المواطن البحريني الذي «ضبط متلبسا» يصلي في مسجد اكتشف انه لا يعود لطائفته، فأوسعه أهالي المنطقة ضربا وسلموه للمخفر الذي تولى «شحنه» الى بلده، بدلا من الاقتصاص له ممن اعتدوا عليه!
وفي عالمنا لا يهم أن نقول الصدق، ونأخذ جانب الحق وندافع عنه، بل المهم أن نؤدي الفرائض جهرا، ولا نشرب الخمرة، والباقي سهل!
ويتساءل الزميل: كم رئيساً عربياً قتلنا؟ وكم حرباً اهلية أشعلنا؟ وكم حرباً دخلنا، داخليا وخارجيا، وبين بعضنا البعض؟ وكم ملكاً خلعنا؟ وكم رئيساً شنقنا وسحلنا؟
ويقول انه سافر وشاهد مصلين ومصليات، صائمين وصائمات، مسلمين ومسلمات، عرباً وعربيات، ممن سبق أن عاثوا فسادا في أكثر من أرض وأكثر من حرب هنا وهناك، وفجأة اصبحوا، بعد فترة قصيرة، حجاجا بأردية بيضاء ولحى مسجاة، بعد ان تخلصوا مما علق بايديهم من جرائم، بالمسح على الحجر الاسود.
سرقوا بلدا بالكامل ومسحوا ايديهم بالحجر الاسود، وقتلوا الآلاف، وفعلوا الشيء ذاته، ويستمر اقتتالهم، الحقيقي، على من يذهب للحج قبل غيره. العراقيون قتلوا بعضهم البعض، واللبنانيون فعلوا الأمر ذاته، وزايد عليهم الفلسطينيون، ونافسهم الجزائريون في عدد القتلى، والشيء ذاته قام به المصريون، لاحقين بالسوريين، والسودانيون، الذين لحقوا بهم، وشاركهم، في عزف ملحمة الذبح البائس، الليبيون والتونسيون! وقائمة المرضى طويلة، ولكن مع هذا لا أحد يود مراجعة الطبيب النفسي!