رئيسهم ورئيسنا
تعتبر النرويج واحدة من أكثر دول العالم تقدما، وتشبه الكويت في قلة مواردها الطبيعية، وثرائها النفطي، وكان من المفترض أن نتعلم منها، وهي التي لم تتردد في التعلم من تجربتنا الرائدة في استثمار الفوائض المالية، وليس في هذا مبالغة، ولكننا نجحنا بجدارة في ان نخيب آمالها فينا وفي انفسنا. ومناسبة الحديث عن النرويج يتعلق أولا بما قام به مؤخرا رئيس وزرائها، عندما قام بالتخفي كسائق تاكسي، للاطلاع عن كثب على آراء المواطنين فيما يقوم به! ولكن ما الذي سيطلع عليه ويعرفه «سمو» رئيس وزراء الكويت، لو حاول تقليد زميله النرويجي، والتخفي في صورة ضابط أمن، وزار اي مركز حدودي أو ميناء بحري أو جوي، أو مخفر في منطقة ليست بالبعيدة؟ لا شك أنه سيجد العجب، فبإمكاني القول ان لا أحد تقريبا ممن سيلتقي بهم يقوم بمهمته بطريقة سليمة. ولو زار المطار لصدم من الطريقة التي يقوم بها جهاز الأمن بمهمته، فالكل غالباً منشغل تماما إما باللعب بهاتفه الأكثر ذكاء منه، أو ترك الحقائب تمر دون مراقبة محتوياتها، أو قابع في زاوية يدخن سيجارته في مكان ممنوع.
أما ان قام سموه بالتخفي في صورة مخلص معاملات في الموانئ أو الشؤون أو الهجرة، فلا أعتقد أنه سينام ليلتها مطمئنا على أحوال «الرعية» في دولته الريعية! وهكذا الحال في كل مناحي الدولة ودوائرها وهيئاتها، دون حصر الأمر بجهات كأسلمة القوانين أو وسطية الأوقاف!
ومناسبة هذا الكلام ايضا ما قام به الشيخ محمد بن راشد، فور اكتشافه لخرير مياه الأمطار لسقف معرض دبي الجوي، من إحالة لجميع القائمين على تنفيذ المشروع من مكتب هندسي ومقاولين ومشرفين إلى النيابة العامة، ووقف جميع أنشطتهم، وتجميد اموالهم المنقولة وغير المنقولة، إلى حين انتهاء التحقيق!
ولو طبق سمو رئيسنا هذا الأمر في الكويت، لكان في ذلك حل سريع لمشكلة المرور، حيث ستخلو الشوارع من عشرات الآلاف الذين سيودعون السجون نتيجة ما تسببوا فيه من خراب سابق وحالي في جميع مشاريع الحكومة تقريبا، والأمثلة أمامنا، وهي أكثر من أن تحصى. وربما، أكرر ربما، يعود سبب الإهمال لدينا لقلة رواتب العاملين في الحكومة، ومطلوب بالتالي زيادتها بنسبة %50 أخرى، لكي... تتعدل الأمور!