شكراً عجيل النشمي
أفتى السيد عجيل النشمي، وهو عميد شريعة سابق، ويعمل رئيساً لرابطة علماء دين دول الخليج، بـ«ضرب عنق» الفريق عبدالفتاح السيسي وزير دفاع مصر، لكونه طاغية! وسبب المطالبة يكمن في انتماء العجيل إلى فكر الإخوان المسلمين في الكويت، التابع للتنظيم العالمي، والحرقة على خسارة الإخوان لـ«عرش مصر»، الذي أضاعوه، كما أضاع حكام جهلة آخرون كراسيهم. ولكن هذا لا يعنينا، على الرغم من تأييدنا الكامل لما قام به السيسي، الذي أنقذ مصر وغيرها من شر الإخوان، أخطر حركة سياسية دينية في التاريخ الحديث. فما نود الكتابة عنه هنا يتعلق بطبيعة فتوى السيد العجيل - إن ثبتت صحتها - كدأب من سبقه من أصحاب الفكر الآحادي الكافر بحرية الرأي وبأبسط قواعد العدالة. فهو، من منطلق «علمه» لم يجد طريقة للاقتصاص ممن أوقع بجماعته الخسارة غير المطالبة بقطع رأسه! ونراه هنا يفضل استخدام السيف، بدلاً من الرصاصة أو الشنق! ويؤيد قطع الرأس، طريقة للقصاص، بدلاً من الطعن في الصدر، هكذا دون تفكير ولا مقدمات ولا حتى من خلال محاكمة شكلية! وبهذه الفتوى وغيرها يتبين مدى ظلامية وتخلف الفكر الذي لا علاقة له بالعصر ولا بمجرياته وأدواته! فمثلاً، أدولف هتلر، الذي تسبب في قتل أكثر من 60 مليون من البشر على مدى سنوات، في حرب عبثية طحنت العالم أجمع، لو تم القبض عليه حياً، للقي منه معاملة أفضل مما لقي السيسي من النشمي! على الرغم من الفارق الهائل بين ما أقدم عليه الأخير بنظر النشمي، وجرائم الأول، بنظر العالم أجمع! فحتماً لم يكن أحد سيطالب بجز رأس هتلر بالسيف، لجرائمه المخيفة في حق البشرية، بل لطالب العالم بتقديمه إلى المحاكمة لمعرفة دوافعه ومن وقف وراءه وتعاون معه، وطبيعة تفكيره، وسبب شنّه الحرب على غيره، وسبب كراهيته للأجناس البشرية، عدا الآريين. وهذا ما حصل بالفعل مع أكبر معاونيه الذين ألقي القبض عليهم، أثناء وبعد الحرب، والذين وفر لهم الحلفاء أقصى درجات الحماية القضائية. ومن هنا نجد صعوبة اقتناع معظم أتباع الفكر الديني، من إخوان وسلف، بحقيقة مضامين الحرية والعدالة في العصر الحديث، فهؤلاء ما زالوا يعيشون في القرون الوسطى، أو ما قبلها، ففكرهم الديني خلا تماماً من أدبيات المحاكمة والمقاضاة والشهود والأدلة، بل كان للحاكم، أو من يمثله من ولاة وقضاة، السلطة الكاملة لتوقيع حد القتل أو الجلد بأي كان ولأتفه الأسباب، طالما كان مقتنعاً بذلك، وهذا ما سيحدث لنا جميعاً إن وصل هؤلاء إلى الحكم، وما يحدث الآن في «الجزر الإسلامية المحررة» من العراق وأفغانستان وسوريا خير دليل!
الأمر الغريب الآخر ما كشفه الخلاف المستعر بين قوى السلف، التي تؤيد السيسي، وقوى الإخوان، التي تعارضه، والتي بيّنت أن الأمر يتعلق بمصالح الطرفين الدنيوية! فلو قام السيسي اليوم بالإفراج عن الإخوان وأعادهم إلى الحكم، ووضع السلف مكانهم، لتغيرت «قناعات» الطرفين بنسبة %100! وبالتالي، فإن اختلاف الطرفين لا يعني أن أحدهما على حق، بل على أن الطرفين على خطأ.