مواقف وخواطر
• مقارنة الحياة الحضارية وحياة الغاب.
عودة إلى هذه الزاوية، بعد ان تخللتها عدة مقالات لظروف أثارت في النفس شجوناً وعوامل فكان ما كتبت، من مواقف وخواطر.
فالموقف الخامس أعنونه «عندما تتكلم القوة يذعن الآخرون»، في جلسة ضمتني وأصدقاء، دار الحديث عن الضرائب الأميركية، وكيف طلبت الولايات المتحدة من جميع بنوك العالم تزويدها بكشوفات عن عملائها الذين يحملون الجنسية الأميركية لمحاسبتهم عن الضرائب، وجميع البنوك استسلمت ووافقت على ذلك، وما يقال عن أسرار العملاء قد سقطت أمام جبروت القوة، وتجلى ذلك بأن البنوك الأميركية لا تبادلهم ذلك الحق. هنا أقف متسائلاً عن هذه القوة الجبارة التي تضغط وتطلب فيُجاب لها، وما هي طرقها وأساليبها، ولكني في الوقت نفسه اتساءل لماذا التهرب من الضرائب، فإذا لم يدفع كل شخص ما عليه للحكومة (طبعاً الحكومات الصالحة)، فكيف لها ان تقدم خدماتها للناس، فهل يحق للمواطن التهرب من الضريبة، وبالمقابل هل يحق للحكومة أخذ الضرائب كاملة من أناس لا يتمتعون بخدماتها، وهم يعيشون خارج البلاد؟
الخاطرة السادسة: متابعاً عن القوة وجبروتها ما نسمعه عن فضيحة التجسس التلفوني، فلم أر أياً من هذه الدول لجأت لتشكو الى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وتحاول حلها عن طريق مؤسساتها الإقليمية، فمتى يا ترى يصبح لهذه الأمة العربية مؤسسات يُرجع إليها لحل مشاكلها من دون اللجوء إلى مجلس الأمن أو القتل والهدم.
الخاطرة السابعة: نبأ عابر في أخبار الساعة الواحدة، ان السلطة الفلسطينية ستلجأ الى المنظمات الدولية شاكية إسرائيل لتوسعها في الاستيطان. أصبح الكلام والكتابة في هذا الموضوع مكرراً مملاً، فإسرائيل تفاوض لأجل التفاوض لتغطي أعمالها. فيا ليت جلسات التفاوض تذاع حية حتى نرى كيف يفاوض الفلسطيني وكيف يُعامل.
وأخيراً، طرأ على بالي ان أقارن حياة الحضارة في هذا الزمن، وحياة الغاب التي توصف بالوحشية والهمجية، فالحيوان المفترس على الأرض يقتل حيواناً واحداً من القطيع والصقر ينقض من سمائه على حيوان صغير في البر أو سمكة واحدة في البحر، والحوت والتمساح في البحر يفترس حيواناً أو اثنين، ونحن بحضارتنا لنا على البر الدبابات والمدافع تقتل الألوف المؤلفة، وفي السماء طائرات تمحو الأخضر واليابس، وغواصات في البحر لتدك بصواريخها ما تبقى. فبحق السماء أليست حياة الغاب مظلومة بوصفها، وهي أرحم من هذه المدنية المزعومة.