المياه.. والهندية!

  فاز فيلم هندي قصير تحت عنوان «المومس والبكر» بعدة جوائز عالمية، وقصته تتعلق بأمر حيوي، طالما لقي الإهمال التام من شعوب وأنظمة نائمة. يبدأ الفيلم القصير بدخول شاب خجول الى منزل فتاة، طالبا خدمة جنسية بناء على اتفاق مسبق. يفاوض الرجل المرأة على ثمن الخدمة، ولكنها ترفض منحه حتى %1 خصما، فيقبل الشاب الأمر على مضض، وعندما يحين موعد دفع الثمن تبدو على وجه الرجل الغر، وهو يفتح سحاب حقيبة يده، علامات الحذر والحسرة، ويلتفت يميناً ويساراً قبل ان يخرج يده من الحقيبة، وهي تحمل قنينة ماء بلاستيكية ويسلمها للمرأة، فتضمها هذه الى صدرها وكأنها حصلت على شيء ثمين!

رمزية قصة الفيلم تكمن في أن الوقت سيأتي عاجلا أو آجلا، بحيث تصبح مسألة حصول مئات الملايين من البشر على قطرة ماء صالحة للشرب أمراً صعباً جدّاً، وأن خدمات «حيوية» كثيرة ستؤدى مقابل «شربة» ماء. ولو نظرنا إلى بلد مثل لبنان، الذي طالما اشتهر بقمم جباله المكسوة بالثلج، وبتعدد أنهاره، لوجدنا، بسبب سياساته الخرقاء، أن ثمن ليتر الماء فيه أغلى من ليتر البترول، على الرغم من أنه ليس بلدا بتروليا، والأمر ذاته في الكويت على الرغم من أنه بلد بترولي!

ولو نظرنا الى وضع المياه في الكويت لأصبنا بالهلع حقا، فنحن دولة صحراوية، وما لدينا من مياه جوفية عذبة لا تعني كثيراً، مقارنة باحتياجاتنا. كما أن ما يعلن عنه، بين الفترة والأخرى، عن كفاية احتياطيات المياه لكذا شهر لا يمكن - كالعادة - الوثوق بها في ظل إدارة حكومية مترهلة، خاصة أن اعتماد كل سكان الكويت، الذين سيتزايد عددهم في السنوات القليلة المقبلة، على ما تتم معالجته من مياه البحر لا يعتبر مصدرا يمكن الاعتماد عليه دائما. فمياه الخليج تتزايد ملوحتها وتلوثها بشكل مستمر. كما أن كلفة التقطير بارتفاع أيضا. وعليه من الضروري على الجهات المختصة، هذا على فرض أن هناك ما يسمى المختصة في أي شأن، البحث عن مصادر ماء بديلة، وعدم الاعتماد على محطات التكرير أو التقطير، التي قد يؤثر في فعاليتها بشكل حاسم أي تلوث بيئي كبير نتيجة حرب محلية أو حادث نووي في إيران وغيرها.

 

والحلول الاستراتيجية موجودة ومعروفة وتعمل بها دول كثيرة، خاصة تلك التي لديها نقص في المياه. وربما الحل سهل اليوم، بوجود المادة والقدرة على توفير البدائل، ولكن ستصبح المسألة خطرة عندما يتناقص الدخل من البترول أو تقع كارثة، ولا يسمح الوقت للجوء الى البدائل المتاحة. ندق ناقوس - لا بل نواقيس - الخطر منذ فترة، متمنين أن يسمع صوتها من يفهم!

الارشيف

Back to Top